قلنا: فلم أخفيتم أن يقول له؟ فقالوا: إنما معنى كل شيء في القرآن معانيه، وقال اللَّه مثل قول العرب: قال الحائط، وقالت النخلة، فسقطت، فالجهمية لا يقولون بشيء.
فقلنا: على هذا أفتيتم؟ . قالوا: نعم.
فقلنا: فبأي شيء خلق الخلق إن كان اللَّه في مذهبكم لا يتكلم؟
فقالوا: بقدرته. فقلنا: هي شيء؟ . قالوا: نعم.
فقلنا: قدرته مع الأشياء المخلوقة؟ . قالوا: نعم.
فقلنا: كأنه خلق خلقًا بخلق، وعارضتم القرآن وخالفتموه حين قال اللَّه جل ثناؤه: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ} [الأنعام: 101]. فأخبرنا اللَّه أنه يخلق وقال: {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ} [فاطر: 3]. فإنه ليس أحد يخلق غيره، وزعمتم أنه خلق الخلق غيره، فتعالى اللَّه عما قالت الجهمية علوًّا كبيرًا.
"الرد على الجهمية والزنادقة" للإمام أحمد ص 138 - 144
قال الإمام: وقلنا للجهمية حين زعموا أن اللَّه في كل مكان لا يخلو منه مكان، فقلنا: أخبرونا عن قول اللَّه جل ثناؤه: {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ} [الأعراف: 143].
لِمَ يتجلى للجبل إن كان فيه بزعمهم؟ ! فلو كان فيه كما تزعمون لم يكن يتجلى لشيء هو فيه، ولكن اللَّه جل ثناؤه على العرش، وتجلى لشيء لم يكن فيه، ورأى الجبل شيئًا لم يكن رآه قبل ذلك
. . وقلنا للجهم: فاللَّه نور؟ . فقال: هو نور كله.
فقلنا: فاللَّه قال: {وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا} [الزمر: 69]. فقد أخبر اللَّه جل ثناؤه أن له نورًا.
قلنا: أخبرونا حين زعمتم أن اللَّه في كل مكان وهو نور، فلم لا يضيء