قال محمد بن حبيب الأندرابي: سمعت أَحْمد بن حَنْبَل يَقُولُ: صِفَةُ المُؤْمِنِ مِنْ أَهْلِ السّنَّة والجَماعَةِ: مَنْ يَشْهَدُ أَنْ لا إله إلَّا اللَّه وَحْدَهُ لا شَرِيْكَ لَهُ، وأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسُوْلُهُ، وأَقَرَّ بِجَمِيْع ما أَتَتْ بِهِ الأنْبِياءُ والرُّسلُ، وعَقَدَ عَلَيْه على ما أَظْهَرَ، ولَمْ يَشُكَّ في إِيْمانِهِ، وَلَم يُكَفّرْ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيْد بِذَنْبٍ، وأَرْجَأَ ما غابَ عَنْهُ مِنَ الأمُورِ إلى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، وفَوَّضَ أَمْرَهُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، ولم يَقْطَعْ بالذُّنُوبِ بالعِصْمَةَ مِنْ عِنْد اللَّه، وعَلِمَ أَنَّ كلَّ شَيءٍ بِقَضاءِ اللَّهِ وقَدَرِهِ، والخَيْرُ والشَّرُّ جَمِيْعًا، ورَجا لمُحْسِنِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وتَخَوَّفَ على مُسِيْئِهمْ، ولَمْ يُنْزِلْ أَحَدًا من أُمَّةِ محمَّدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم- جَنَّةً ولا نارًا، بإِحْسانٍ اكتَسَبَهُ ولا بِذَنْبٍ اكتَسَبَهُ، حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الذِي يُنْزِلُ خَلْقَهُ حَيْثُ يَشاءُ، وعَرَفَ حَقَّ السَّلَفِ الذِيْن اختارَهَم اللَّه لِصُحْبَةِ نَبِيّهُ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقَدَّم أَبا بَكْرِ وعُمَر وعُثْمانَ، وعَرَفَ حَقَّ عَلِيِّ بن أَبِي طالبٍ، وطَلْحَةَ، والزُّبَيْرِ، وعَبْدِ الرَّحْمَن بن عَوْفٍ، وسَعْدِ بن أَبِي وَقّاصٍ، وسَعِيْدِ بنِ زيدِ بن عَمرو بن نُفَيْلٍ على سائِرِ الصَّحابة، فإِنَّ هؤلاء التّسْعَة الذِيْنَ كانُوا مَعَ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- على جَبلِ حِراء، فَقالَ النَّبِيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اسْكُنْ حِراءُ، فَما عَلَيْكَ إِلّا نَبِيٌّ أَوْ صِدّيق أَوْ شَهِيدٌ" (?).
والنَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عاشِرُهُمْ، وتَرَحَّمَ عَلى جَمِيْع أَصْحابِ مُحمَّدٍ صغيرِهِم وكَبِيِرِهِم، وحَدّثَ بفَضائِلِهِم، وأَمْسِكَ عَمّا شَجَرَ بَيْنَهُمْ، وصَلاةُ العِيْدَيْنِ والخَوْفِ والجُمْعَةِ والجَماعاتِ مَعَ كل أَمِيْر بَرٍّ أَوْ فاجِرٍ، والمَسْحُ على الخُفَّيْنِ في السَّفَرِ والحَضَرِ، والقَصْرُ في السَّفَرِ، والقُرْآنُ كَلامُ اللَّهِ وتَنْزِيْلُهُ، وَلَيْسَ بمَخْلُوقٍ. والإيْمانُ قَوْلٌ وعَمَلٌ، يَزِيْدُ ويَنْقُصُ.