لك من حاجة؟ قالت: حاجتنا إن قدمت هذا البلد أن تنزل عندنا، فقال: فغبت عنها حينا ثم قدمت، قال: فانتهيت إلى السكة فلم أر أحدا، وانتهيت إلى بابها فلم أر أحدًا فاستأذنت عليها، فسمعت ضحكها، قال: فدخلت فإذا عندها إنسانة فقالت: إني أراك مستنكرًا ما ترى. قلتُ: أجل، قد رأيت بابك وإنه لآهل، قالت: لما توجهت من عندنا جعلنا لا نوجه شيئًا بحرًا إلا غرق، ولا برًا إلا عطب، ومات بنوها ومات رقيقها، قال: قلتُ: الكآبة يومئذ، والسرور اليوم؟ قالت: كنت إذ ذاك أرى أنه لا خير لي عند ربي تبارك وتعالى، فلما رزئت في مالي وولدي لي رجوت، قال مسلم: فلقيت عبد اللَّه بن عمر فحدثته الحديث فقال: ما سبق نبي اللَّه أيوب عليه السلام هذِه إلا حبوًا؛ لقد انشقت خميصتي هذِه فأرسلت بها ترفأ فلم يجئ رفؤها كما أحب، فغمني ذلك.
"الزهد" ص 314
قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الصمد، حدثنا عبد اللَّه بن بكر -يعني: المزني، عن الحسن قال: إن هذا الحق جهد الناس وحال بينهم وبين شهواتهم، وإنما صبر على هذا الحق من عرف فضله ورجا عاقبته، إن من الناس ناسًا قرءوا القرآن لا يعملون سيئة، وإنما أحق الناس بهذا القرآن من أتبعه بعمله وإن كان لا يقرؤه، إنك لتعرف الناس ما كانوا في عافية، فإذا نزل بلاء صار الناس إلى حقائقهم، صار المؤمن إلى إيمانه والمنافق إلى نفاقه.
"الزهد" ص 350