طرق الناعيان إذ نبهاني ... بقطيع من فاجع الحدثان
قلت للناعيان من تنعيان ... قالا: أبا عبد ربنا الرحمان
فأثار الذي أتاني حَزَني ... وفؤادُ المصاب ذو أحزان
ثم فاضت عيناي وجدًا ... بدموع يحادر الهطلان
وذكر القصيدة إلى آخرها، قال: فما زال ابن مهدي يبكي، وأنا أنشده، حتى إذا ما قلت:
وبرأي النعمان كنت بصيرًا. . .
قال لي: اسكت، فقد أفسدت القصيدة، فقلت: إن بعد هذا أبياتا حسانًا، فقال: دعها، أتذكر رواية عبد اللَّه عن أبي حنيفة في مناقبه؟ ! ما نعرف له زلة بأرض العراق إلا روايته عن أبي حنيفة، ولوددت أنه لم يرو عنه، وأني كنت أفتدي ذلك بمعظم مالي.
فقلت: يا أبا سعيد، ما تحمل على أبي حنيفة كل هذا، ألِما أنه كان يتكلم بالرأي، فقد كان مالك بن أنس، وسفيان، والأوزاعي يتكلمون بالرأي؟ !
فقال: أتقرن أبا حنيفة إلى هؤلاء! ما أشبه أبا حنيفة في أهل العلم إلا بناقة شاردة فاردة ترعى في واد جدب، والإبل كلها ترعى في واد آخر.