من أهل الملل والنحل، وجبل قلوب الملوك والأمراء على الانقياد له غالبًا وعلى طاعته، وأحيا به الشام؛ بل الإسلام بعد أن كاد ينثلم، خصوصًا فى كائنة التتار. وهو أكبر من أن ينبه على سيرته مثلى، فلو حلفت بين الركن والمقام: أنى ما رأيت بعينى مثله، وأنه ما رأى مثل نفسه لما حنثت. انتهى.

وقال الحافظ ابن كثير: وفى رجب سنة سبع مئة وأربع راح الشيخ تقى الدين ابن تيمية إلى مسجد النارنج، وأمر أصحابه وتلامذته بقطع صخرة كانت هناك بنهر قلوط تزار وينذر لها، فقطعها وأراح المسلمين منها ومن الشرك بها، فأزاح عن المسلمين شبهة كان شرها عظيمًّا، وبهذا وأمثاله أبرزوا له العداوة. وكذلك بكلامه فى ابن عربى وأتباعه، فحُسِدَ وعودى، ومع هذا لا تأخذه فى الله لومة لائم. ولم يبال بمن عاداه ولم يصلوا إليه بمكروه. وأكثر ما نالوا منه الحبس، مع أنه لم ينقطع فى بحث لا بمصر ولا بالشام، ولم يتوجه لهم عليه ما يشين. وإنما أخذوه وحبسوه بالجاه كما سيأتى. انتهى.

قيل: من جملة أسباب حبسه خوفهم أنه ربما يدعى ويطلب الإمارة، فلقى أعاؤه عليه طريقًا من ذلك، فحسَّنُوا للأمراءِ حبسه؛ لسد تلك المسالك.

وكتب الشيخ كمال الدين الزَّمْلَكانى: كان الفقهاء من سائر الطوائف إذا جالسوه استفادوا فى مذاهبهم منه أشياء، ولا يعرف أنه ناظر أحدًا فانقطع معه، ولا تكلم في علم من العلوم سواء كان من علم الشرع أو غيره إلا فاق فيه أهله، واجتمعت فيه شروط الاجتهاد على وجهها.

قلت: ورأيت في كتاب (النثر الذائب، في الأفراد والغرائب)، من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015