{إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا}.
وبلغ ذلك الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد ـ وكان هو القاضي حينئذٍ - فاستحسن ذلك، وأعجبه هذا الاستباط، وتعجب من مواجهة الشيخ للسلطان بمثل هذا الكلام.
وأما محن الشيخ: فكثيرة، وشرحها يطول جدًّا.
وقد اعتقله مرة بعض نواب السلطان بالشام قليلاً، بسبب قيامه على نصراني سبَّ الرسول صلي الله عليه وسلم: واعتقل معه الشيخ زين الدين الفارقي، ثم أطلقهما مكرمين.
ولما صنف المسأله «الحموية» في الصفات؛ شنع بها جماعة، ونودي عليها في الأسواق على قصبة، وأن لا يُستفتى، من جهةِ بعض القضاة الحنفية. ثم انتصر للشيخ بعضُ الولاة، ولم يكن في البلد حينئذٍ نائب، وضرب المنادي وسكن الأمر.
ثم امتُحِن سنة خمس وسبع مئة بالسؤال عن معتقده بأمر السلطان، فجمع نائبه القضاة واالعلماء بالقصر، وأحضر الشيخ، وسألهُ عن ذلك؛ فبعث الشيخ وأحضر من داره «العقيدة الواسطية» فقرءُوها في ثلاثة مجالس، وحاققوه، وبحثوا معه، ووقع الاتفاق بعد ذلك على أن هذه عقيدة سُنِّية سلفية، فمنهم من قال ذلك طوعًا، ومنهم من قاله كرهًا.
وورد بعد ذلك كتاب من السلطام فيه: إنما قصدنا براءة ساحة الشيخ، وتبين لنا أنه على عقيدة السلف.
ثمَّ إن المصريين دبروا الحيلة في أمر الشيخ، ورأوا أنه لا يمكن