فيها مثل الشيخ علمًا وعملاً، وحالاً وخلقًا واتباعًا، وكرمًا وحلمًا في حق نفسه، وقيامًا في حق الله تعالى عند انتهاك حرماته، وأَقْسَم على ذلك بالله ثلاث مرات.
ثم قال: أصدق الناس عقدًا وأصحهم علمًا وعزمًا، وأنفذهم وأعلاهم في انتصار الحق وقيامه، وأسخاهم كفًا، وأكملهم اتباعًا لنبيه محمد صلي الله عليه وسلم، ما رأينا في عصرنا هذا من تُسْتجلى النبوة المحمدية وسننها من أقواله وأفعاله إلا هذا الرجل، بحيث يشهد القلب الصحيح: أن هذا هو الاتباع حقيقة.
قال الإمام الذهبي: لقد نصر السنة المحضة، والطريقة السلفية، واحتج [لها] ببراهين ومقدمات وأمور لم يسبق إليها، وأطلق عبارات أحجم عنها الأولون والآخرون وهابوا، وجسر هو عليها حتى قام عليه خلق من علماء مصر والشام قيامًا لا مزيد عليه، وبدَّعوه وناظروه وكابروه، وهو ثابت لا يداهن ولا يحابي، بل يقول الحق المر الذي أداه إليه اجتهاده، وحِدَّةُ ذهنه، وسَعَةُ دائرته في السنن والأقوال، مع ما اشتهر عنه من الورع، وكمال الفكرة، وسرعة الإدراك، والخوف من الله، والتعظيم لحرمات الله.
فجرى بينه وبينهم حملات حربية، ووقعات شامية ومصرية، وكم من نوبة قد رموه عن قوس واحدة، فانجاه الله، فإنه كان دائم الابتهال، كثير الاستعانة، قوي التوكل، ثابت الجأش، له أوراد وأذكار يدمنها بكيفية وجمعية. [وله محبون من] العلماء والصلحاء، ومن الجند والأمراء، ومن التجار والكبراء، وسائرُ العامةِ تحبّه؛ لأنه منتصبٌ لنفعهم ليلاً ونهارًا، بلسانه وقلمه.