وقدموا دمشق في أثناء سنة سبع وستين؛ فسمع من الشيخ زين الدين أحمد بن عبد الدائم بن نعمة المقدسي جُزْء ابن عرفة، وغير ذلك.

وسمع الكثير من ابن أبي اليُسر، والكمال ابن عَبْد، والشيخ شمس الدين الحنبلي، والقاضي شمس الدين بن عطاء الحنفي، والشيخ جمال الدين الصيرفي، ومجد الدين بن عساكر، والنجيب المقداد، وابن أبي الخير، وابن علان، وأبي بكر الهروي، والكمال عبد الرحيم، وفخرالدين ابن البخاري، وابن شيبان، والشرف بن القواس، وزينب بنت مكي، وخلق كثير.

وشيوخه الذين سمع منهم أزيد من مئتي شيخ.

وسمع «مسند الإمام أحمد» مرَّات، و «معجم الطبراني الكبير»، والكُتب الكبار، والأجزاء، وعُني بالحديث، وقرأ بنفسه الكثير، ولازم السماع مُدَّة سنين، وقرأ «الغيلانيات» في مجلس، ونسخَ وانتقى، وكتب الطِّباق والأثبات، وتعلم الخط والحساب في المكتب، واشتغل بالعلوم، وحفظ القرآن، وأقبل على الفقه، وقرأ أيامًا في العربية على ابن عبد القوي ثم فهمها، وأخذ يتأمل «كتاب سيبويه» حتى فهمه، وبرع في النحو، وأقبل على التفسير إقبالاً كليًّا حتى حاز فيه قصب السبق، وأحكم أُصول الفقه، وغير ذلك، هذا كله وهو ابن بضع عشرة سنة، فانبهر الفضلاء من فرط ذكائه، وسيلان ذهنه، وقُوَّة حافظته، وسرعة إدراكه.

نشأ في تصوُّن تام، وعفاف وتألُّه، واقتصاد في الملبس والمأكل، ولم يزل على ذلك خلفًا صالحًا، برًّا بواليه، تقيًّا وَرِعًا، عابدًا ناسكًا، صَوّامًا قوَّامًا، ذاكرًا لله تعالى في كل أمر وعلى كل حال، رجَّاعًا إلى الله تعالى في سائر الأحوال والقضايا، وقَّافاَ عند حدود الله تعالى، وأوامره

طور بواسطة نورين ميديا © 2015