بل الإِسلام، بعد أَن كاد ينثلم بتَثْبِيتِ أولي الأمر لمّا أقبل حزب التتر والبغي في خيلائهم، فظُنت بالله الظنون، وزلزل المؤمنون، واشْرَأبّ النفاق وأبدى صفحته، ومحاسنُه كثيرة، وهو أكبر من أَن ينبه على سيرته مثلي، فلو حلفت بين الركن والمقام، لحلفت: أني ما رأيت بعيني مثله، وأَنَّه ما رأى مثل نفسه.

قال الذَّهبيّ: وقد قرأت بخط شيخنا العلامة كمال الدين بن الزَّمْلَكاني، ما كتبه سنة بضع وتسعين تحت اسم «ابن تَيْمِيَّة» كَانَ إِذا سئل عن فنٍّ من العلم ظن الرائي والسامع: أَنَّه لا يعرف غير ذلك الفن، وحكم أَنَّ أحدًا لا يعرفه مثله.

وكان الفقهاء من سائر الطوائف إِذا جالسوه استفادوا في مذاهبهم منه أشياء كثيرة، ولا يعرف أَنَّه ناظر أحدًا فانقطع معه، ولا تكلم في علم من العلوم - سواء كَانَ من علم الشرع أَو غيره - إِلاَّ فاق فيه أهله، واجتمعت فيه شروط الاجتهاد علي وجهها.

وأَمَّا تصانيفه رحمه الله فهي أَشهر من أَن تُذْكر، وأعرف من أَن تنكر. سارت مسير الشمس في الأقطار، وامتلأت بها البلاد والأمصار، قد جاوزت حدّ الكثرة، فلا يمكن أحدًا حصرُها، ولا يتسع هذا الكلام، لعد المعروف منها ولا ذكرها. وقد بلغت ثلاثمائة مجلدة.

وكتب بخطه من التَّصانيف والتعاليق المفيدة والفتاوى المشبعة في الأفرع والأصول والحديث ورد البدع بالكتاب والسنة شيئًا كثيرًا، يبلغ عدة أَحمال، فمما كمل منها «كتاب الصارم المسلول على متنقص الرسول» و «كتاب تبطيل التحليل» و «كتاب اقتضاء الصراط المستقيم» و «كتاب تأسيس التقديس» في عدة مجلدات، و «كتاب الرد علي طوائف الشيعة»

طور بواسطة نورين ميديا © 2015