الجهاد فأغلظ القول للسلطان والأمراء، ورتَّبوا له في مقرِّ إِقامته في كل يوم دينارًا ومخفقة (?) طعام فلم يقبل شيئًا من ذلك، وأَرسل له السلطان بقجة قماش فردّها، قال: ثمَّ حضر عنده شيخنا أَبو حيّان فقال: ما رأْت عيناي مثل هذا الرجل، ثمَّ مدحه بأبيات ذكر أَنَّه نظمها بديهًا وأَنشده إِيَّاها.

لمَّا أتانا تقيُّ الدينِ لاحَ لنا ... داعٍ إلى اللهِ فردٌ ماله وَزَرُ

على مُحَيَّاهُ من سِيْمَا الأُلَى صَحِبُوا ... خيرَ البريَّةِ نورٌ دونَه القَمَرُ

حَبْرٌ تَسَرْبَلَ منه دَهرُه حِبرًا ... بَحرٌ تَقَاذَفُ مِن أمواجه الدُّرَرُ

قامَ ابنُ تَيميَّةٍ في نَصْر شِرعَتِنَا ... مَقامَ سَيِّدِ تَيْمٍ إذْ عَصَتْ مُضَرُ

وأظهرَ الحقَّ إذ آثارُهُ اندرست ... وأخمدَ الَّرَّ إذ طارتْ له شررُ

كُنّا نُحدَّث عن حَبْرٍ يجيءُ فهَا ... أنتَ الإمامُ الذي قد كان يُنتظر

ثمَّ دار بينهما كلام فجرى ذكر سيبويه فأغلظ ابن تَيْمِيَّة القول في سيبويه فنافره أَبو حيان وقطعه بسببه، ثمَّ عاد ذامًا له وصيَّر ذلك ذنبًا لا يغفر، قال (?): وحجَّ ابن المحب سنة (34) فسمع من أَبي حيان أَناشيد فقرأَ عليه هذه الأَبيات فقال: قد كشطتها من «ديواني» ولا أَذكره بخير، فسأَله عن السبب في ذلك فقال: ناظرته في شيءٍ من العربية فذكرت له كلام سيبويه فقال: يفشر سيبويه، قال أَبو حيان: وهذا لا يستحق الخطاب، ويُقال إِنَّ ابن تَيْمِيَّة قال له: ما كَانَ سيبويه نبي النَّحو، ولا كَانَ معصومًا بل أَخطأ في الكتاب في ثمانين موضعًا ما تفهمها أنت،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015