(قال) وكان يجيئه من المالِ في كلّ سنة ما لا يكاد يُحصَى فينفقه جميعَه آلافًا ومئين، لا يلمس منه درهمًا ولا ينفقه في حاجةٍ له. وكان يعود المرضى، ويشيّع الجنائز، ويقوم بحقوق النَّاس، ويتألّف القلوب، ولا ينسب إِلى باحث لديه مذهبًا، ولا يحفظ لمتكلّم عنده زلّة، ولا يَتَشَهَّى طعامًا ولا يمتنع عن شيءٍ منه، بل هو مع ما حضر لا يتجهّم مرآه، ولا يتكدّر صفوَه ولا يسأم عفوه، (قال) ورُئِيَتْ له منامات صالحة.

ورثاه جماعات من النَّاس بالشام ومصر والعراق والحجاز والعرب من آل فضل.

(قال) ورثيتُه بقصيدة لي، وهي:

أهكذا بالدياجي يُحجب القمر ... ويُحبس النوءُ حتى يذهبَ المطرُ؟

أهكذا تُمنع الشمسُ المنيرة عن ... منافع الأرض أحيانًا فتستَتِرُ؟

أهكذا الدهر ليلاً كلّه أبدًا ... فليس يُعْرَف في أوقاته سحَر؟

أهكذا السيف لا تَمضِي مضاربُه ... والسيف في الفتك ما في عزمه خور؟

أهكذا القوس تُرمَى بالعراء وما ... تُصمِي الرَمايا وما في باعها قصر؟

أهكذا يترك البحرُ الخِضمُّ ولا ... يُلوَى عليه، وفي أصدافه الدّرر؟

أهكذا بِتَقِيّ الدينِ قد عَبِثتْ ... أيدي العِدى وتعدّى نحوَه الضررُ؟

أَلابنِ تيميّة تُرمى سهامُ أذًى ... من الأنام ويدمى النابُ والظفُر؟

بذّ السوابقَ ممتدَّ العبادةِ لا ... ينالُه ملَلٌ فيها ولا ضجر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015