ثمَّ حبسوا في بُرْج أيامًا، ونقلوا إِلى الجُبِّ ليلة عيد الفطر، ثمَّ بعث كتاب سلطاني إِلى الشَّام بالحط على الشَّيخ، وإلزام الناس - خصوصا أهل مذهبه - بالرجوع عن عقيدته، والتهديد بالعزل والحبس، ونودى بذلك في الجامع والأسواق، ثمَّ قرئ الكتاب بسُدَّة الجامع بعد الجمعة، وحصل أذًى كثير للحنابلة بالقاهرة، وحبس بعضهم، وأخذ خطوط بعضهم بالرجوع. وكان قاضيهم الحَرَّاني قليل العلم.

ثمَّ في سلخ رمضان سنة ست: أحضر سلار - نائب السلطان بمصر - القضاة والفقهاء، وتكلم في إخراج الشَّيخ، فاتفقوا على أَنَّه يشترط عليه أمور، ويلزم بالرجوع عن بعض العقيدة، فأرسلوا إِليه من يحضره، وليتكلموا معه في ذلك، فلم يجب إِلى الحضور، وتكرر الرسول إِليه في ذلك ست مرات، وصمم على عدم الحضور، فطال عليهم المجلس، فانصرفوا من غير شيء.

ثمَّ في آخر هذه السنة وصل كتاب إِلى نائب السلطنة بدمشق من الشَّيخ، فأخبر بذلك جماعة ممن حضر مجلسه، وأثنى عليه، وقال: ما رأيت مثله، ولا أشجع منه. وذكر ما هو عليه في السجن من التوجه إِلى الله تعالى، وأَنَّه لا يقبل شيئا من الكسوة السلطانية، ولا من الإدرار السلطاني، ولا تدنس بشيءٍ من ذلك.

ثمَّ في ربيع الأَوَّل من سنة سبع وسبعمائة دخل مهنا بن عيسى أمير العرب إِلى مصر، وحضر بنفسه إِلى السجن، وأَخْرَجَ الشَّيخ منه، بعد أَن استأذن في ذلك، وعُقد للشيخ مجالس حضرها أكابر الفقهاء، وانفصلت على خير.

وذكر الذَّهبيّ والبرزالي وغيرهما: أَنَّ الشَّيخ كتب لهم بخطه مجملاً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015