كَمْ حَثَّ للخيرِ وكَمْ ذِيْ كَرَى ... أَيْقَظَ مِنْ نَوْمٍ وكَمْ حَرَّضَا
وأمْرَضَ الإلحادَ لمَّا جَلاَ الْـ ... ـحَقَّ وقَلْبُ الزَّيْغِ قَد أرْمَضَا
وغَادرَ الباطِلَ في ظُلمةٍ ... لَمَّا رَأَى بَارِقَهُ أَوْمَضَا
وَهْوَ عَنِ الدُّنْيَا زَوَى نَفْسَه ... واللهُ بالجنَّةِ قَدْ عَوَّضَا
فَمَا لهُ في مَنْصِبٍ رَغْبَةٌ ... وعَزْمُهُ فِي ذَلكَ مَا اسْتَنْهَضَا
كَانَ إذا الدُّنْيا لَهُ عَرَّضَتْ ... بِزُخْرُفٍ مِن نَفْسِها أَعْرضَا
ولو رَأَى ذلكَ مَا فَاتَه ... مَنَاصِبٌ مِنْ بَعْضِهِنَّ الْقَضَا
وبعدَ هذا حُكْمُهُ نَافِذٌ ... فِي كُلِّ مَا قَدْ شَاءَهُ وَارْتَضَى
بنَفْسِهِ جَاهَدَ جَهْرًا وكَمْ ... سَلَّ حُسَامًا في الْوَغَى وانْتَضَى
ويومَ غاَزَانَ غَدَا عِنْدَمَا ... شَدَّدَ فِي القَوْلِ وَمَا خَفَّضَا
شقَّ سَوَادَ المُغْل زَاهِي الطُّلاَ ... كالماءِ لمَّا مَزَّقَ العَرْمَضَا
جَادَلَ بَلْ جَالَدَ مُسْتَمْسِكًا ... بالحقِّ حتَّى أنَّه أَجْهَضَا
ولم يكنْ فيهِ سِوَى أنَّهُ ... خَالَفَ أشْيَاءً كمنْ قد مَضَى
مُتَّبِعًا فيهِ الدليلَ الّذِيْ ... بَدَا وللهِ فيهِ الْقَضَا
وبعدَ ذَا رَاحَ إلَى رَبِّهِ ... مَا ادَّانَ مِنْ لَهْوٍ ولاَ اسْتَقْرَضَا
ثَناؤُه مَا انْقَضَّ منهُ الْبِنَا ... وذِكْرُهُ بينَ الوَرَى مَا انْقَضَى
فَجَادَتِ الرحمةُ أرضًا ثَوَى ... فيها وسَقَّتْهَا غُيُوثُ الرِّضَا