والله يعلم قصْده وما يترجّحُ من الأدلة عنده.

وما دمّر عليه شيءٌ كمسألة الزيارة، ولا شُنّ عليه مثلها إغارة، دخل منها إِلى القلعة مُعتقلا، وجفاه صاحُبه وقَلا، وما خرج منها إلاّ على الآلة الحدْباء، ولا دَرَج (?) منها إلاّ إِلى البقعة الجدْباء، والتحق باللطيف الخبير، ووَلَّى والثناء عليه كَنشْر العبير.

وكان ذا قلم يُسابق البرق إِذا لمع، والودْق إِذا هَمَع. يُملي على المسألة الواحدة ما شاء من رأس القلم، ويكتب الكرّاسيْن والثلاثة في قعدةٍ، وحدُّ ذهنه ما كَلَّ ولا انثلم.

قد تحلّى «بالمحلّى» وتولّى من تقليده ما تولّى، فلو شاء أورده عن ظهر قلب، وأتى بجُملةِ ما فيه من الشناع والثلْب!!

وضيّع الزمان في ردّه على النصارى والرافضة، ومَنْ عاند الدين أَو ناقضه، ولو تصدّى لشرح البخاريّ أَو لتفسير القرآن العظيم، لقلّد أعناق أهل العلوم بِدُرِّ كلامه النظيم (?).

وكان من صغره حريصًا على الطلب، مُجِدًّا على التحصيل والدأب، ولا يُؤْثر على الاشتغال لذة، ولا يرى أَن تَضِيْع لحظة منه في البطالة فذّة. يذهل عن نفسه ويغيب في لذة العلم على حِسه، لا يطلب أكلاً إلاّ إِذا حضر لديْه، ولايرتاحُ إِلى طعام ولاشراب في أبرديْه. قيل:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015