اجتمع من الرجال نحو خمسين ألفًا، وتوجهوا إلى جبال الكسروانيين والجرديين وتوجه الأمير سيف الدين أسندَمُر بعسكر الفتوحات من الجهة التي تلي بلاد طرابلس. وكان قد نُسِب إلى مُبَاطَنَتِهم، فكُتِبَ إليه في ذلك، فجرَّدَ العزمَ وأراد أن يفعل في هذا الأمر ما يمحو عنه أثرَ هذه الشناعة التي وقعت، وطلع إلى جبل الكسروان من أصعب مسالكه، واجتمعت عليهم العساكر فقُتِلَ منهم خَلْق كثير، وتبدد شملهم وتمزقوا في البلاد، واستخدم الأمير سيف الدين أسندَمُر جماعةً منهم بطرابلس بجامكية وجراية من الأموال الديوانية، وسماهم رجال الكسروان، وأقاموا على ذلك سنين وأقطع بعضهم أخبارًا من حلقة طرابلس، وتفرق بقيتهم في البلاد، واضمحلَّ أمرُهم وخمل ذكراهم، وعاد نائب السلطنة إلى دمشق في رابع عشر صفر من الستة وأقطع جبال الكسروانيين والجرديين لجماعة من الأمراء التركمان وغيرهم، منهم: الأمير علاء الدين بن معبد البعلبكِّي، وعز الدين خطاب، وسيف الدين بُكْتُمُر الحُسامي، وأُعْطُوا الطبلخانات وتوجهوا لعمارة إقطاعهم وحفظ ميناء البحر من جهة بيروت.

وفي هذه السنة (?) كانت بدمشق فتنة بين جماعة من الفقراء الأحمدية والشيخ تقي الدين ابن تيمية، وذلك أنهم اجتمعوا في يوم السبت تاسع جمادي الأولى عند نائب السلطنة، وحضر الشيخ تقي الدين فطلبوا منه أن يسلم إليهم حالهم، وأن تقي الدين لا يعارضهم ولا ينكر عليهم، وأرادوا أن يظهروا شيئًا مما يفعلونه فقال لهم الشيخ: إن اتباع الشريعة لا يسع الخروج عنه، ولا يُقَرُّ أحد على خلافه، وهذه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015