والشيخ أبو عبد الله سلمه الله، هو بلا تردد واسطة نظام هذا الأمر العظيم، فساعِدوه وأزيلوا ضرورتَه، واجمعوا همته، واغتنموا بقية حياته، واقبلوا نصيحتي فيما أتحققه من هذا كله، كما كنت أتحقق أن اغتنام أوقات الشيخ وجمعها على التآليف والإتقان والمقابلة خير من صرفها في مجرد المفاكهة اللذيذة والمنادمة، والنفوس فرطت كثيرًا في ذلك الحال. والله المسؤول بأن يكفيها مضرة كمال الفَوْتِ الذي لا عوض عنه بحال، إنه رؤوف رحيم، جوادٌ كريمٌ.

فإن يسَّر الله تعالى وأعانَ على هذه الأمور العظيمة صارت إنْ شاء اللهُ تعالى مؤلفات شيخنا ذخيرةً صالحةً للإسلام وأهلِهِ، وخزانةً عظيمة لمن يؤلف منها وينقل، وينصر الطريقة السلفية على قواعدها ويستخرج ويختصر إلى آخر الدهر إن شاء الله تعالى؛ قال صلى الله عليه وسلم: «لا يزال الله يغرس في هذا الدين غرسًا يستعملهم فيه بطاعة الله» وقال: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى تقومَ الساعة». والله سبحانه يقول في كتابه: {وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (8)}. وكما انتفع الشيخ بكلام الأئمة قبله فكذلك ينتفع بكلامه من بعده إن شاء الله تعالى.

فاتبعوا أمر الله، واقصدوا رضا الله بجمع كل ما تقدرون عليه من أنواع المؤلفاتِ الكبار، وأشتاتِ المسائل الِّغار، ومن نسخ الفتاوى المتفرقة، وسائر كلامه الذي قد مُلِئَ، ولله الحمد، من الفوائد والفرائد والشوارد، فأيقظوا الهمم، وابذلوا الموال الكثيرة في تحصيل هذا المطلب العظيم الذي لا نصير له، فهذا هو الذي يلزمنا من حيث الأسباب. والتمام على رب الأرباب ومسبب الأسباب وفاتح الأبواب، الذي يقيم دينه، وينصر كتابه وسنة نبيه على الدوام، ويثبت من يؤهله لذلك من أنواع الخاص والعام، وكلٌّ مَجزيٌّ في القيامة بعمله، وما ربك بظلامٍ للعبيد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015