بهم ونعظمهم ونوقرهم ونتبعهم ونصدِّقهم في جميع ما جاءوا به ونطيعهم كما قال نوح وصالح وهود وشعيب: {أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ} [نوح: 3]. فجعلوا العبادة والتقوى لله وحده، والطاعة لهم، فإن طاعتهم من طاعة الله. فلو كفر أحد بنبيٍّ من الأنبياء وآمن بالجميع مانفعه إيمانه حتى يؤمن بذلك النبي. وكذلك لو آمن بجميع الكتب وكذب بكتاب كان كافرًا حتَّى يؤمن بذلك الكتاب وكذلك الملائكة واليوم الآخر.

فلما سمعوا ذلك منه قالوا: الدين الذي ذكرته خيرٌ من الدين الذي نحن وهؤلاء عليه. ثم انصرفوا من عنده.

فصل

لما كان الشيخ في قاعة الترسيم، وكان الشيخ العارف والقدوة شمس الدين الدباهي (?) قد طلع من الشام إِلى مصر حتى يصلح بين الشيخ وبين الشيخ نصر المنبجي، فكتب ورقة فيها: «الطفيلي على الله محمد بن الدباهي يسأل من الشيخين الصالحين - شيخ المشايخ أبي الفتح نصر المنبجي وشيخ الإسلام أحمد بن تيمية - أنهما يتفقان على طاعة الله ورسوله بحسب ما يمكنهما» وذكرَ أشياءَ يلتزمانها بحسب الإمكان ويتفقان عليها. وجاءت الورقة إلى الشيخ فقال: «إني أجيب إلى ذلك»، فراح بها إلى الشيخ نصر، فوجد عنده المشايخ التدامرة: أبا بكر والشيخ إبراهيم أولاد بروان، فقام الشيخ نصر من مجلسه وأقعد الشيخ شمس الدين فيه وعظَّمه تعظيمًا كبيرًا، فأوقفه على الورقة، فقال له: «يا سيدي، ولم كتبت إلى الشيخ مثل هذه وما سُمع بعدُ مِنّا كلام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015