الأحناف قالوا: يصلي صلاة صُورية، أي يقوم المصلي بحركات الصلاة من وقوف وركوع وسجود وجلوس دون قراءة أو تسبيح أو تشهُّد، ودون نيَّة، وتبقى الصلاة في ذمته، يقضيها متى وجد الماء أو الصعيد، وشاركهم في وجوب القضاء الثوري والأوزاعي. والمالكيون قالوا: تسقط عنه الصلاة، فلا يصلي ولا يقضي إذا وجد الماء أو الصعيد. والشافعيون قالوا: إن كان جُنُباً يصلي الصلاة، ولكن يقتصر على قراءة الفاتحة فقط، ويعيدها إذا وجد الماء أو التراب، وإن كان مُحْدِثاً حَدَثاً أصغر يصلي صلاة تامة معتادة، ويعيدها متى وجد الماء أو التراب. والحنابلة قالوا يصلي ولا يعيد إذا وجد الماء أو التراب، ولكن يقتصر في صلاته على الفروض، وشاركهم في عدم وجوب الإعادة المُزَني وسَحنون وابن المنذر والشوكاني.

والرأي الذي يترجح لدينا هو رأي الحنابلة ومَن شاركهم، فالسجين الذي لا ماء عنده ولا صعيد، والمريض الذي لا يقوى على مغادرة فراشه لوضوء أو تيمُّم، ولا أحدَ عنده يستعين به على إحضار الماء أو الصعيد، يصليان صلاة تامة صحيحة معتادة، ويكونان قد أدَّيا واجبهما، ولا يلزمهما قضاء الصلاة أو إعادتها بعد خروج الوقت، ويمكنهما أن يصليا دون طهارة ما شاءا من النوافل أيضاً.

والدليل على ذلك ما روت عائشة رضي الله عنها «أنها استعارت من أسماء قلادة فهلكت، فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ناساً من أصحابه في طلبها، فأدركتهم الصلاة، فصلُّوا بغير وضوء، فلما أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - شَكَوْا ذلك إليه، فنزلت آية التيمُّم» رواه مسلم والبخاري وأحمد وأبو داود والنَّسائي. ودلالة هذا الحديث أن صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد صلوا دون وضوء، وطبعاً دون تيمُّم، لأن التيمُّم لم يكن قد شُرع بعد، فلم ينكر الرسول - صلى الله عليه وسلم - ذلك عليهم فكان ذلك إقراراً منه لفعلهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015