فِي الْبلدَانِ أَو فِي الَّذِي كَانَ الْقَتْل بِهِ فَقَالَ أَحدهمَا قَتله بعصا وَقَالَ الآخر لَا أَدْرِي بِأَيّ شَيْء قَتله فَهُوَ بَاطِل وَإِن شَهدا أَنه قَتله وَقَالا لَا نَدْرِي بِأَيّ شَيْء قَتله فَفِيهِ الدِّيَة رجلَانِ أقرّ كل وَاحِد مِنْهُمَا أَنه قتل فلَانا فَقَالَ الْوَلِيّ قتلتماه جَمِيعًا فَلهُ أَن يقتلهما وَإِن شهدُوا على رجل أَنه قتل فلَانا وَشهد آخَرُونَ على آخر بقتْله وَقَالَ الْوَلِيّ قتلتماه جَمِيعًا بَطل ذَلِك كُله رجل قتل رجلا عمدا وللمقتول ثَلَاثَة أَوْلِيَاء فَشهد اثْنَان على الآخر أَنه عفى فشهادتهما بَاطِلَة فَإِن صدقهما الْقَاتِل فَالدِّيَة بَينهم أَثلَاثًا وَإِن كذبهما فَلَا شَيْء لَهما وَللْآخر ثلث الدِّيَة وَالله أعلم
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْله فَلهُ أَن يقتلهما لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا أقرّ بِكُل الْقَتْل فَوَجَبَ الْقصاص عَلَيْهِ وَالْمقر لَهُ صدق فِي أَحدهمَا وَكذب فِي الآخر وَتَكْذيب الْمقر لَهُ الْمقر فِي بعض مَا أقرّ بِهِ لَا يبطل إِقْرَاره
قَوْله بَطل لِأَن تَكْذِيب الْمَشْهُود لَهُ الشُّهُود فِي بعض مَا شهدُوا يبطل الشَّهَادَة لِأَنَّهُ يُوجب تفسيقه وتفسيق الشَّاهِد يُوجب رد الشَّهَادَة
قَوْله فَإِن صدقهما إِلَخ المسئلة على أَرْبَعَة أوجه إِمَّا أَن يصدقها الْقَاتِل وَحده أَو يصدقها الْمَشْهُود عَلَيْهِ أَو يصدقاهما أَو يكذباهما أما إِن صدقاهما جَمِيعًا صَار الثَّابِت بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ مُعَاينَة وَلَو عاينا ذَلِك بَطل نصيب الْعَافِي وانقلب نصيبهما مَالا كَذَا هَهُنَا وَإِن كذباهما فَلَا شَيْء للشاهدين لِأَنَّهُمَا لما شَهدا بِالْعَفو فقد أقرا بِبُطْلَان حَقّهمَا فِي الْقصاص فصح إقرارهما وادعيا بعد ذَلِك انقلاب نصيبهما مَالا فَلم يصدقا وَنصِيب الْمَشْهُود عَلَيْهِ يصير مَالا لِأَن شَهَادَتهمَا للعفو بِمَنْزِلَة ابْتِدَاء الْعَفو مِنْهُمَا فِي حق الْمَشْهُود عَلَيْهِ وَإِن صدقهما الْقَاتِل وَحده غرم الدِّيَة بَينهم أَثلَاثًا لِأَنَّهُ لما صدقهما فقد أقرّ لَهما بِثُلثي الدِّيَة فَلَزِمَهُ وَادّعى بطلَان حق الْمَشْهُود عَلَيْهِ فَلم يصدقا وَإِن صدقهما الْمَشْهُود عَلَيْهِ دون الْقَاتِل غرم الْقَاتِل ثلث الدِّيَة وَهُوَ نصيب الْمَشْهُود عَلَيْهِ