أما إذا لم يكن هنالك باعث صحيح من هذه البواعث وأمثالها، فإن الإسرار بها أكمل وأفضل: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (271} (البقرة)!
وهل وقفت وصايا البّر عند هذا الحد؟!
هل ينال بالصدقة رضوان الله كاملاً، متى استكملت هذه العناصر فحسب؟!
كلا، لقد بقي عنصر أنفس وأقدس من تلك العناصر كلها!
عنصر لو سلم لها من أول الأمر لسلمت سائر العناصر، ولو بطل أو فسد لحبطت سائر العناصر!
عنصر لا يتصل بمنبع العطاء، ولا بأحقيّته، ولا بمقدار أسلوبه!
عنصر ليس ماديًّا، ولا اجتماعيًّا، ولكنه معنوي نفساني، يسكن في أعماق صدورنا، يدفعنا إلى العدل، وتتحرّك همّتنا إليه، ذلك هو عنصر الباعث أو النيّة، الذي تتحدّد فيه غايات الأعمال ومقاصدها، والذي يدور على ميزان القيم في نظر الخلق والدّين:
يروي مسلم وغيره عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِن الله لا ينظر إِلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إِلى قلوبكم وأعمالكم " (?)!