حدثهم أن رجلاً سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: كيف كان أول شأنك يا رسول الله؟ قال: "كانت حاضنتي من بني سعد بن بكر، فانطلقت أنا وابن لها في بَهم (?) لنا، ولم نأخذ معنا زاداً، فقلت: يا أخي، اذهب فأتنا بزاد من عند أمنا، فانطلق أخي، ومكثت عند البَهم، فأقبل طائران أبيضان، كأنهما نسران، فقال أحدهما لصاحبه: أهُوَ هُوَ؟ قال: نعم، فأقبلا يبتدراني، فأخذاني فبطحاني إِلى القفا فشقّا بطني، ثم استخرجا قلبي، فشقّاه، فأخرجا منه علقتين سوداوين، فقال أحدهما لصاحبه - قال يزيد في حديثه: ائتني بماء ثلج - فغسلا به جوفي، ثم قال: ائتني بماء بَرَد، فغسلا به قلبي، ثم قال: ائتني بالسكينة، فذرّاها في قلبي، ثم قال أحدهما لصاحبه: حُصه (?)، فحاصه، وختم عليه بخاتم النبوة،- وقال حيوة في حديثه: خصه فخمه واختم عليه بخاتم النبوّة، فقال أحدهما لصاحبه: اجعله في كفّة واجعل ألفاً من أمته في كفّة، فإِذا أنا انظر إِلى الألف فوقي، أُشفق أن يخر عليّ بعضهم، فقال: لو أن أمته وزنت به لمال بهم، ثم انطلقا وتركاني، وفرِقت فرَقاً شديداً، ثم انطلقت إِلى أمي، فأخبرتها بالذي لقيته، فأشفقتْ عليّ أن يكون أُلْبِسَ بي، قالت: أعيذك بالله! فرحلت بعيراً لها فجعلتني -وقال يزيد: فحملتني- على الرحل، وركبت خلفي، حتى بلغنا إِلى أمي، فقالت: أو أدّيت أمانتي وذمّتي؟