ثم بَدَا لأبي بكر، فابْتَنَى مسجداً بفناء داره، وكان يُصليِّ فيه ويقرأ القرآن، فيتعرف عليه نساء المشركين وأبناؤهم وهم يعجبون منه، وينظرون إِليه!

وكان أبو بكر رجلاً بكاء لا يملك عينيه إِذا قرأ القرآن، فأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين، فأرسلوا إِلى ابن الدّغنّة، فقدم عليهم، فقالوا: إِنا كنا أجرنا أبا بكر بجوارك، على أن يعبد ربّه في داره، فقد جاوز ذلك فابتنى مسجداً بفناء داره، فأعلن بالصلاة والقراءة فيه، وإِنا قد خشينا أن يفتن نساءنا وأبناءنا، فانهه، فإِن أحبّ أن يقتصر على أن يعبد ربه في داره فعل، وإِن أبى إِلا أن يُعلن بذلك فسله أن يرد عليك ذمّتك، فإنا قد كرهنا أن يخْفِرك، ولسنا بمقرين لأبي بكر الاستعلان!

قالت عائشة: فأتى ابن الدغنة إِلى أبي بكر فقال: قد علمت الذي عاقدت لك عليه، فإِما أن تقتصر على ذلك وإِما أن ترجع إِليّ ذمتي فإِني لا أحب أن تسمع العرب أني أُخْفِرتُ في رجل عقدت له!

فقال أبو بكر: فإِني أرد إِليك جوارك، وأرضى بجوار الله عَزَّ وَجَلَّ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يومئذ بمكة. (?)

وهذا الموقف يشبه موقف عمر بن الخطاب في رد جوار خاله العاصي، رغبة أن يكون كغيره من المسلمين. (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015