(خ م د) , عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ: (لَمْ أَتَخَلَّفْ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا إِلَّا فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ) (?) (وَهُوَ يُرِيدُ الرُّومَ وَنَصَارَى الْعَرَبِ بِالشَّامِ) (?) (غَيْرَ أَنِّي كُنْتُ تَخَلَّفْتُ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ , " وَلَمْ يُعَاتِبْ أَحَدًا تَخَلَّفَ عَنْهَا , إِنَّمَا خَرَجَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُرِيدُ عِيرَ (?) قُرَيْشٍ حَتَّى جَمَعَ اللهُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عَدُوِّهِمْ عَلَى غَيْرِ مِيعَادٍ " , وَلَقَدْ شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ حِينَ تَوَاثَقْنَا (?) عَلَى الْإِسْلَامِ وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِهَا مَشْهَدَ بَدْرٍ , وَإِنْ كَانَتْ بَدْرٌ أَذْكَرَ فِي النَّاسِ مِنْهَا (?) كَانَ مِنْ خَبَرِي أَنِّي لَمْ أَكُنْ قَطُّ أَقْوَى وَلَا أَيْسَرَ حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْهُ فِي تِلْكَ الْغَزَاةِ , وَاللهِ مَا اجْتَمَعَتْ عِنْدِي قَبْلَهُ رَاحِلَتَانِ (?) قَطُّ , حَتَّى جَمَعْتُهُمَا فِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ , " وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُرِيدُ غَزْوَةً إِلَّا وَرَّى (?) بِغَيْرِهَا) (?) (وَكَانَ يَقُولُ: الْحَرْبُ خَدْعَةٌ ") (?) (حَتَّى كَانَتْ تِلْكَ الْغَزْوَةُ , " غَزَاهَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي حَرٍّ شَدِيدٍ ") (?) (حِينَ طَابَتْ الثِّمَارُ وَالظِّلَالُ) (?) (وَاسْتَقْبَلَ سَفَرًا بَعِيدًا وَمَفَازًا (?)) (?) (وَعَدُوًّا كَثِيرًا , " فَجَلَّى (?) لِلْمُسْلِمِينَ أَمْرَهُمْ " , لِيَتَأَهَّبُوا (?) أُهْبَةَ (?) غَزْوِهِمْ , " فَأَخْبَرَهُمْ بِوَجْهِهِ الَّذِي يُرِيدُ " , وَالْمُسْلِمُونَ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كَثِيرٌ) (?) (يَزِيدُونَ عَلَى عَشْرَةِ آلَافٍ) (?) (وَلَا يَجْمَعُهُمْ كِتَابٌ حَافِظٌ - يُرِيدُ الدِّيوَانَ - فَمَا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَتَغَيَّبَ , إِلَّا ظَنَّ أَنْ سَيَخْفَى لَهُ - مَا لَمْ يَنْزِلْ فِيهِ وَحْيُ اللهِ - " وَتَجَهَّزَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - " وَالْمُسْلِمُونَ مَعَهُ , فَطَفِقْتُ (?) أَغْدُو لِكَيْ أَتَجَهَّزَ مَعَهُمْ , فَأَرْجِعُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا , فَأَقُولُ فِي نَفْسِي: أَنَا قَادِرٌ عَلَيْهِ, فَلَمْ يَزَلْ يَتَمَادَى بِي , حَتَّى اشْتَدَّ بِالنَّاسِ الْجِدُّ , " فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - " وَالْمُسْلِمُونَ مَعَهُ) (?) (يَوْمَ الْخَمِيسِ) (?) (" - وَلَقَلَّمَا كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَخْرُجُ إِذَا خَرَجَ فِي سَفَرٍ , إِلَّا خَرَجَ يَوْمَ الْخَمِيسِ -") (?) (وَأَنَا لَمْ أَقْضِ مِنْ جَهَازِي شَيْئًا , فَقُلْتُ: أَتَجَهَّزُ بَعْدَهُ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ ثُمَّ أَلْحَقُهُمْ , فَغَدَوْتُ (?) بَعْدَ أَنْ فَصَلُوا (?) لِأَتَجَهَّزَ , فَرَجَعْتُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا , ثُمَّ غَدَوْتُ , ثُمَّ رَجَعْتُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا , فَلَمْ يَزَلْ بِي حَتَّى أَسْرَعُوا وَتَفَارَطَ (?) الْغَزْوُ , وَهَمَمْتُ أَنْ أَرْتَحِلَ فَأُدْرِكَهُمْ - وَلَيْتَنِي فَعَلْتُ - فَلَمْ يُقَدَّرْ لِي ذَلِكَ, فَكُنْتُ إِذَا خَرَجْتُ فِي النَّاسِ بَعْدَ خُرُوجِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَطُفْتُ فِيهِمْ, أَحْزَنَنِي أَنِّي لَا أَرَى) (?) (لِي أُسْوَةً , إِلَّا رَجُلًا مَغْمُوصًا (?) عَلَيْهِ النِّفَاقُ , أَوْ رَجُلًا مِمَّنْ عَذَرَ اللهُ مِنْ الضُّعَفَاءِ , " وَلَمْ يَذْكُرْنِي رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى بَلَغَ تَبُوكَ , فَقَالَ وَهُوَ جَالِسٌ فِي الْقَوْمِ بِتَبُوكَ: مَا فَعَلَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ؟ " , فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ: يَا رَسُولَ اللهِ , حَبَسَهُ بُرْدَاهُ (?) وَنَظَرُهُ فِي عِطْفَيْهِ (?) فَقَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ - رضي الله عنه -: بِئْسَ مَا قُلْتَ , وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ إِلَّا خَيْرًا , " فَسَكَتَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - , فَبَيْنَمَا هُوَ عَلَى ذَلِكَ , رَأَى رَجُلًا مُبَيِّضًا يَزُولُ بِهِ السَّرَابُ , فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: كُنْ أَبَا خَيْثَمَةَ " , فَإِذَا هُوَ أَبُو خَيْثَمَةَ الْأَنْصَارِيُّ - رضي الله عنه - وَهُوَ الَّذِي تَصَدَّقَ بِصَاعِ التَّمْرِ حِينَ لَمَزَهُ الْمُنَافِقُونَ - قَالَ كَعْبُ: فَلَمَّا بَلَغَنِي " أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ تَوَجَّهَ قَافِلًا (?) مِنْ تَبُوكَ ") (?) (حَضَرَنِي هَمِّي , وَطَفِقْتُ أَتَذَكَّرُ الْكَذِبَ وَأَقُولُ: بِمَاذَا أَخْرُجُ مِنْ سَخَطِهِ (?) غَدًا؟ , وَاسْتَعَنْتُ عَلَى ذَلِكَ بِكُلِّ ذِي رَأيٍ مِنْ أَهْلِي , فَلَمَّا قِيلَ: " إِنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أَظَلَّ قَادِمًا " , زَاحَ عَنِّي الْبَاطِلُ , وَعَرَفْتُ أَنِّي لَنْ أَخْرُجَ مِنْهُ أَبَدًا بِشَيْءٍ فِيهِ كَذِبٌ , فَأَجْمَعْتُ صِدْقَهُ , " وَأَصْبَحَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَادِمًا) (?) (- وَكَانَ قَلَّمَا يَقْدَمُ مِنْ سَفَرٍ سَافَرَهُ إِلَّا ضُحًى , وَكَانَ يَبْدَأُ بِالْمَسْجِدِ فَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ) (?) (ثُمَّ يَجْلِسُ فِيهِ) (?) (لِلنَّاسِ - فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ " , جَاءَهُ الْمُخَلَّفُونَ , فَطَفِقُوا يَعْتَذِرُونَ إِلَيْهِ , وَيَحْلِفُونَ لَهُ - وَكَانُوا بِضْعَةً وَثَمَانِينَ رَجُلًا - " فَقَبِلَ مِنْهُمْ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَانِيَتَهُمْ وَبَايَعَهُمْ , وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ , وَوَكَلَ سَرَائِرَهُمْ (?) إِلَى اللهِ " , فَجِئْتُهُ , فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ , " تَبَسَّمَ تَبَسُّمَ الْمُغْضَبِ , ثُمَّ قَالَ: تَعَالَ " , فَجِئْتُ أَمْشِي حَتَّى جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ , فَقَالَ لِي: " مَا خَلَّفَكَ؟ , أَلَمْ تَكُنْ قَدْ ابْتَعْتَ (?) ظَهْرَكَ (?)؟ " , فَقُلْتُ: بَلَى , إِنِّي وَاللهِ لَوْ جَلَسْتُ عِنْدَ غَيْرِكَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا , لَرَأَيْتُ أَنْ سَأَخْرُجُ مِنْ سَخَطِهِ بِعُذْرٍ , وَلَقَدْ أُعْطِيتُ جَدَلًا , وَلَكِنِّي وَاللهِ لَقَدْ عَلِمْتُ لَئِنْ حَدَّثْتُكَ الْيَوْمَ حَدِيثَ كَذِبٍ تَرْضَى بِهِ عَنِّي , لَيُوشِكَنَّ اللهُ أَنْ يُسْخِطَكَ عَلَيَّ , وَلَئِنْ حَدَّثْتُكَ حَدِيثَ صِدْقٍ تَجِدُ عَلَيَّ فِيهِ (?) إِنِّي لَأَرْجُو فِيهِ عَفْوَ اللهِ , لَا وَاللهِ مَا كَانَ لِي مِنْ عُذْرٍ , وَاللهِ مَا كُنْتُ قَطُّ أَقْوَى وَلَا أَيْسَرَ مِنِّي حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْكَ , فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " أَمَّا هَذَا فَقَدْ صَدَقَ , فَقُمْ حَتَّى يَقْضِيَ اللهُ فِيكَ " , فَقُمْتُ , وَثَارَ رِجَالٌ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ فَاتَّبَعُونِي , فَقَالُوا لِي: وَاللهِ مَا عَلِمْنَاكَ كُنْتَ أَذْنَبْتَ ذَنْبًا قَبْلَ هَذَا , وَلَقَدْ عَجَزْتَ أَنْ لَا تَكُونَ اعْتَذَرْتَ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِمَا اعْتَذَرَ إِلَيْهِ الْمُتَخَلِّفُونَ , قَدْ كَانَ كَافِيَكَ ذَنْبَكَ اسْتِغْفَارُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لَكَ , فَوَاللهِ مَا زَالُوا يُؤَنِّبُونِي , حَتَّى أَرَدْتُ أَنْ أَرْجِعَ فَأُكَذِّبَ نَفْسِي , ثُمَّ قُلْتُ لَهُمْ: هَلْ لَقِيَ هَذَا مَعِي أَحَدٌ؟ , قَالُوا: نَعَمْ , رَجُلَانِ قَالَا مِثْلَ مَا قُلْتَ , فَقِيلَ لَهُمَا مِثْلُ مَا قِيلَ لَكَ , فَقُلْتُ: مَنْ هُمَا؟ , قَالُوا: مُرَارَةُ بْنُ الرَّبِيعِ الْعَمْرِيُّ , وَهِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ الْوَاقِفِيُّ , فَذَكَرُوا لِي رَجُلَيْنِ صَالِحَيْنِ , قَدْ شَهِدَا بَدْرًا فِيهِمَا أُسْوَةٌ (?) فَمَضَيْتُ حِينَ ذَكَرُوهُمَا لِي , " وَنَهَى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمُسْلِمِينَ) (?) (عَنْ كَلَامِي وَكَلَامِ صَاحِبَيَّ , وَلَمْ يَنْهَ عَنْ كَلَامِ أَحَدٍ مِنْ الْمُتَخَلِّفِينَ غَيْرِنَا ") (?) (فَاجْتَنَبَنَا النَّاسُ , وَتَغَيَّرُوا لَنَا , حَتَّى تَنَكَّرَتْ فِي نَفْسِي الْأَرْضُ , فَمَا هِيَ الَّتِي أَعْرِفُ , فَلَبِثْنَا عَلَى ذَلِكَ خَمْسِينَ لَيْلَةً , فَأَمَّا صَاحِبَايَ , فَاسْتَكَانَا وَقَعَدَا فِي بُيُوتِهِمَا يَبْكِيَانِ , وَأَمَّا أَنَا , فَكُنْتُ أَشَبَّ الْقَوْمِ وَأَجْلَدَهُمْ , فَكُنْتُ أَخْرُجُ فَأَشْهَدُ الصَلَاةَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ , وَأَطُوفُ فِي الْأَسْوَاقِ , وَلَا يُكَلِّمُنِي أَحَدٌ , وَآتِي رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأُسَلِّمُ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي مَجْلِسِهِ بَعْدَ الصَلَاةِ , فَأَقُولُ فِي نَفْسِي: هَلْ حَرَّكَ شَفَتَيْهِ بِرَدِّ السَّلَامِ عَلَيَّ أَمْ لَا؟ , ثُمَّ أُصَلِّي قَرِيبًا مِنْهُ , فَأُسَارِقُهُ النَّظَرَ , فَإِذَا أَقْبَلْتُ عَلَى صَلَاتِي , " أَقْبَلَ إِلَيَّ " , وَإِذَا الْتَفَتُّ نَحْوَهُ , " أَعْرَضَ عَنِّي ") (?) (فَلَبِثْتُ كَذَلِكَ , حَتَّى) (?) (طَالَتْ عَلَيَّ جَفْوَةُ النَّاسِ) (?) (وَمَا مِنْ شَيْءٍ أَهَمُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَمُوتَ , فلَا يُصَلِّي عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَوْ يَمُوتَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَكُونَ مِنْ النَّاسِ بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ , فلَا يُكَلِّمُنِي أَحَدٌ مِنْهُمْ , وَلَا يُصَلِّي وَلَا يُسَلِّمُ عَلَيَّ) (?) (فَمَشَيْتُ حَتَّى تَسَوَّرْتُ (?) جِدَارَ حَائِطِ أَبِي قَتَادَةَ - وَهُوَ ابْنُ عَمِّي , وَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ - فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ , فَوَاللهِ مَا رَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ , فَقُلْتُ: يَا أَبَا قَتَادَةَ , أَنْشُدُكَ بِاللهِ , هَلْ تَعْلَمُنِي أُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ؟ , فَسَكَتَ , فَعُدْتُ فَنَاشَدْتُهُ فَسَكَتَ , فَعُدْتُ فَنَاشَدْتُهُ , فَقَالَ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ , فَفَاضَتْ عَيْنَايَ وَتَوَلَّيْتُ حَتَّى تَسَوَّرْتُ الْجِدَارَ , فَبَيْنَمَا أَنَا أَمْشِي فِي سُوقِ الْمَدِينَةِ , إِذَا نَبَطِيٌّ مِنْ أَنْبَاطِ أَهْلِ الشَّامِ مِمَّنْ قَدِمَ بِالطَّعَامِ يَبِيعُهُ بِالْمَدِينَةِ يَقُولُ: مَنْ يَدُلُّ عَلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ , فَطَفِقَ النَّاسُ يُشِيرُونَ لَهُ إِلَيَّ , حَتَّى جَاءَنِي , دَفَعَ إِلَيَّ كِتَابًا مِنْ مَلِكِ غَسَّانَ - وَكُنْتُ كَاتِبًا - فَقَرَأتُهُ , فَإِذَا فِيهِ: أَمَّا بَعْدُ , فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي أَنَّ صَاحِبَكَ قَدْ جَفَاكَ (?) وَلَمْ يَجْعَلْكَ اللهُ بِدَارِ هَوَانٍ وَلَا مَضْيَعَةٍ (?) فَالْحَقْ بِنَا نُوَاسِكَ (?) فَقُلْتُ حِينَ قَرَأتُهَا:) (?) (وَهَذَا أَيْضًا مِنْ الْبَلَاءِ , فَتَيَمَّمْتُ (?) بِهَا التَّنُّورَ (?) فَسَجَرْتُهُ (?) بِهَا , حَتَّى إِذَا مَضَتْ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً مِنْ الْخَمْسِينَ , إِذَا رَسُولُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَأتِينِي فَقَالَ: " إِنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَأمُرُكَ أَنْ تَعْتَزِلَ امْرَأَتَكَ " , فَقُلْتُ: أُطَلِّقُهَا أَمْ مَاذَا أَفْعَلُ؟ , قَالَ: " لَا , بَلْ اعْتَزِلْهَا وَلَا تَقْرَبْهَا " , وَأَرْسَلَ إِلَى صَاحِبَيَّ مِثْلَ ذَلِكَ , فَقُلْتُ لِامْرَأَتِي: الْحَقِي بِأَهْلِكِ فَكُونِي عِنْدَهُمْ حَتَّى يَقْضِيَ اللهُ - عز وجل - فِي هَذَا الْأَمْرِ , قَالَ كَعْبٌ: فَجَاءَتْ امْرَأَةُ هِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ , إِنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ شَيْخٌ ضَائِعٌ لَيْسَ لَهُ خَادِمٌ , فَهَلْ تَكْرَهُ أَنْ أَخْدُمَهُ؟ , قَالَ: " لَا , وَلَكِنْ لَا يَقْرَبْكِ " , قَالَتْ: إِنَّهُ وَاللهِ مَا بِهِ حَرَكَةٌ إِلَى شَيْءٍ , وَاللهِ مَا زَالَ يَبْكِي مُنْذُ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ إِلَى يَوْمِهِ هَذَا , فَقَالَ لِي بَعْضُ أَهْلِي: لَوْ اسْتَأذَنْتَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي امْرَأَتِكَ كَمَا أَذِنَ لِامْرَأَةِ هِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ أَنْ تَخْدُمَهُ , فَقُلْتُ: وَاللهِ لَا أَسْتَأذِنُ فِيهَا رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَا يُدْرِينِي مَا يَقُولُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا اسْتَأذَنْتُهُ فِيهَا وَأَنَا رَجُلٌ شَابٌّ؟ , فَلَبِثْتُ بَعْدَ ذَلِكَ عَشْرَ لَيَالٍ , حَتَّى كَمَلَتْ لَنَا خَمْسُونَ لَيْلَةً مِنْ حِينَ نَهَى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ كَلَامِنَا , فَلَمَّا صَلَّيْتُ صَلَاةَ الْفَجْرِ صُبْحَ خَمْسِينَ لَيْلَةً , وَأَنَا عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِنَا , فَبَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ عَلَى الْحَالِ الَّتِي ذَكَرَ اللهُ , قَدْ ضَاقَتْ عَلَيَّ نَفْسِي , وَضَاقَتْ عَلَيَّ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ (?) سَمِعْتُ صَوْتَ صَارِخٍ أَوْفَى (?) عَلَى جَبَلِ سَلْعٍ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا كَعْبُ بْنَ مَالِكٍ , أَبْشِرْ , قَالَ: فَخَرَرْتُ سَاجِدًا , وَعَرَفْتُ أَنْ قَدْ جَاءَ فَرَجٌ , " وَآذَنَ (?) رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِتَوْبَةِ اللهِ عَلَيْنَا حِينَ صَلَّى صَلَاةَ الْفَجْرِ " , فَذَهَبَ النَّاسُ يُبَشِّرُونَنَا , وَذَهَبَ قِبَلَ صَاحِبَيَّ مُبَشِّرُونَ , وَرَكَضَ إِلَيَّ رَجُلٌ فَرَسًا , وَسَعَى سَاعٍ مِنْ أَسْلَمَ , فَأَوْفَى عَلَى الْجَبَلِ , وَكَانَ الصَّوْتُ أَسْرَعَ مِنْ الْفَرَسِ , فَلَمَّا جَاءَنِي الَّذِي سَمِعْتُ صَوْتَهُ يُبَشِّرُنِي نَزَعْتُ لَهُ ثَوْبَيَّ , فَكَسَوْتُهُ إِيَّاهُمَا بِبُشْرَاهُ - وَاللهِ مَا أَمْلِكُ غَيْرَهُمَا يَوْمَئِذٍ - وَاسْتَعَرْتُ ثَوْبَيْنِ فَلَبِسْتُهُمَا , وَانْطَلَقْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَتَلَقَّانِي النَّاسُ فَوْجًا فَوْجًا , يُهَنُّونِي بِالتَّوْبَةِ , يَقُولُونَ: لِتَهْنِكَ تَوْبَةُ اللهِ عَلَيْكَ , قَالَ كَعْبٌ: حَتَّى دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ , " فَإِذَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - جَالِسٌ " , حَوْلَهُ النَّاسُ , فَقَامَ إِلَيَّ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ - رضي الله عنه - يُهَرْوِلُ حَتَّى صَافَحَنِي وَهَنَّانِي , وَاللهِ مَا قَامَ إِلَيَّ رَجُلٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ غَيْرَهُ , وَلَا أَنْسَاهَا لِطَلْحَةَ , فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - " وَهُوَ يَبْرُقُ وَجْهُهُ مِنْ السُّرُورِ) (?) (- وَكَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا سُرَّ , اسْتَنَارَ وَجْهُهُ , حَتَّى كَأَنَّهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ , وَكُنَّا نَعْرِفُ ذَلِكَ مِنْهُ -: ") (?) (أَبْشِرْ بِخَيْرِ يَوْمٍ مَرَّ عَلَيْكَ مُنْذُ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ " , فَقُلْتُ: أَمِنْ عِنْدِكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ , أَمْ مِنْ عِنْدِ اللهِ؟ , قَالَ: " لَا , بَلْ مِنْ عِنْدِ اللهِ ") (?) (فَلَمَّا جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ , إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَنْخَلِعَ (?) مِنْ مَالِي , صَدَقَةً إِلَى اللهِ وَإِلَى رَسُولِهِ) (?) (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ , فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ " , فَقُلْتُ: فَإِنِّي أُمْسِكُ سَهْمِيَ الَّذِي بِخَيْبَرَ) (?) وفي رواية: (إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَهْجُرَ دَارَ قَوْمِي الَّتِي أَصَبْتُ فِيهَا الذَّنْبَ , وَأَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي كُلِّهِ صَدَقَةً , فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " يُجْزِئُ عَنْكَ الثُّلُثُ ") (?) (وَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ , إِنَّ اللهَ إِنَّمَا نَجَّانِي بِالصِّدْقِ , وَإِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ لَا أُحَدِّثَ إِلَّا صِدْقًا مَا بَقِيتُ , فَوَاللهِ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَبْلَاهُ اللهُ (?) فِي صِدْقِ الْحَدِيثِ مُنْذُ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَحْسَنَ مِمَّا أَبْلَانِي , مَا تَعَمَّدْتُ مُنْذُ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى يَوْمِي هَذَا كَذِبًا , وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَحْفَظَنِي اللهُ فِيمَا بَقِيتُ , وَأَنْزَلَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم -: {لَقَدْ تَابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ , مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ , ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ , إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ , وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا , حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ , وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إِلَّا إِلَيْهِ , ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا , إِنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ , يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ , مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللهِ , وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ , ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ , وَلَا نَصَبٌ , وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ , وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ , وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا , إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ , إِنَّ اللهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ , وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً , وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا , إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ , لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (?) فَوَاللهِ مَا أَنْعَمَ اللهُ عَلَيَّ مِنْ نِعْمَةٍ قَطُّ بَعْدَ أَنْ هَدَانِي لِلْإِسْلامِ , أَعْظَمَ فِي نَفْسِي مِنْ صِدْقِي لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ لَا أَكُونَ كَذَبْتُهُ , فَأَهْلِكَ كَمَا هَلَكَ الَّذِينَ كَذَبُوا , فَإِنَّ اللهَ قَالَ لِلَّذِينَ) (?) (كَذَبُوا رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ الْمُتَخَلِّفِينَ وَاعْتَذَرُوا بِالْبَاطِلِ) (?) (حِينَ أَنْزَلَ الْوَحْيَ , شَرَّ مَا قَالَ لِأَحَدٍ , فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ , قُلْ لَا تَعْتَذِرُوا , لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ , قَدْ نَبَّأَنَا اللهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ , وَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ , ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ , فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ , سَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ , فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ , إِنَّهُمْ رِجْسٌ , وَمَأوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ , يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ , فَإِنَّ اللهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} (?) قَالَ كَعْبٌ: وَكُنَّا تَخَلَّفْنَا أَيُّهَا الثَّلَاثَةُ عَنْ أَمْرِ أُولَئِكَ الَّذِينَ قَبِلَ مِنْهُمْ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ حَلَفُوا لَهُ , " فَبَايَعَهُمْ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ , وَأَرْجَأَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَمْرَنَا حَتَّى قَضَى اللهُ فِيهِ " , فَبِذَلِكَ قَالَ اللهُ: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} وَلَيْسَ الَّذِي ذَكَرَ اللهُ مِمَّا خُلِّفْنَا عَنْ الْغَزْوِ , وَإِنَّمَا هُوَ تَخْلِيفُهُ إِيَّانَا , وَإِرْجَاؤُهُ أَمْرَنَا عَمَّنْ حَلَفَ لَهُ وَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ , فَقَبِلَ مِنْهُ) (?).