صُلْحُ الْحُدَيْبِيَة (?)

(خ د حم ش حب) , عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ - رضي الله عنهما - قَالَ: (" خَرَجَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي بِضْعَ عَشْرَةَ مِائَةً مِنْ أَصْحَابِهِ) (?) (يُرِيدُ زِيَارَةَ الْبَيْتِ , لَا يُرِيدُ قِتَالًا , وَسَاقَ مَعَهُ الْهَدْيَ (?) سَبْعِينَ بَدَنَةً) (?) (فَلَمَّا أَتَى ذَا الْحُلَيْفَةِ , قَلَّدَ الْهَدْيَ وَأَشْعَرَهُ (?) وَأَحْرَمَ مِنْهَا بِعُمْرَةٍ , وَبَعَثَ عَيْنًا لَهُ (?) مِنْ خُزَاعَةَ) (?) (بَيْنَ يَدَيْهِ) (?) (يُخْبِرُهُ عَنْ قُرَيْشٍ , وَسَارَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى إِذَا كَانَ بِغَدِيرِ الْأَشْطَاطِ - قَرِيبٌ مِنْ عُسْفَانَ - " أَتَاهُ عَيْنُهُ الْخُزَاعِيُّ) (?) (فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ , هَذِهِ قُرَيْشٌ قَدْ سَمِعَتْ بِمَسِيرِكَ , فَخَرَجَتْ مَعَهَا الْعُوذُ الْمَطَافِيلُ , قَدْ لَبِسُوا جُلُودَ النُّمُورِ) (?) (وَجَمَعُوا لَكَ الْأَحَابِيشَ) (?) (يُعَاهِدُونَ اللهَ أَنْ لَا تَدْخُلَهَا عَلَيْهِمْ عَنْوَةً أَبَدًا , وَهَذَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فِي خَيْلِهِمْ , قَدِمُوا إِلَى كُرَاعِ الْغَمِيمِ) (?) (وَهُمْ مُقَاتِلُوكَ , وَصَادُّوكَ عَنْ الْبَيْتِ , وَمَانِعُوكَ) (?) (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " يَا وَيْحَ قُرَيْشٍ , لَقَدْ أَكَلَتْهُمْ الْحَرْبُ , مَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ خَلَّوْا بَيْنِي وَبَيْنَ سَائِرِ النَّاسِ؟ , فَإِنْ أَصَابُونِي كَانَ الَّذِي أَرَادُوا , وَإِنْ أَظْهَرَنِي اللهُ عَلَيْهِمْ , دَخَلُوا فِي الْإِسْلَامِ وَهُمْ وَافِرُونَ , وَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا , قَاتَلُوا وَبِهِمْ قُوَّةٌ , فَمَاذَا تَظُنُّ قُرَيْشٌ؟ , وَاللهِ إِنِّي لَا أَزَالُ أُجَاهِدُهُمْ عَلَى الَّذِي بَعَثَنِي اللهُ لَهُ , حَتَّى يُظْهِرَهُ اللهُ , أَوْ تَنْفَرِدَ هَذِهِ السَّالِفَةُ (?)) (?) (ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: أَشِيرُوا عَلَيَّ أَيُّهَا النَّاسُ , أَتَرَوْنَ أَنْ أَمِيلَ إِلَى) (?) (ذَرَارِيِّ (?) هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَعَانُوهُمْ) (?) (أَنْ يَصُدُّونَا عَنْ الْبَيْتِ) (?) (فَنُصِيبَهُمْ؟ , فَإِنْ قَعَدُوا , قَعَدُوا مَوْتُورِينَ (?) مَحْرُوبِينَ (?)) (?) (وَإِنْ يَحْنُونَ , تَكُنْ عُنُقًا قَطَعَهَا اللهُ , أَوْ تَرَوْنَ أَنْ نَؤُمَّ الْبَيْتَ (?) فَمَنْ صَدَّنَا عَنْهُ قَاتَلْنَاهُ؟ ") (?) (فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللهِ , خَرَجْتَ عَامِدًا لِهَذَا الْبَيْتِ , لَا تُرِيدُ قَتْلَ أَحَدٍ , وَلَا حَرْبَ أَحَدٍ , فَتَوَجَّهْ لَهُ , فَمَنْ صَدَّنَا عَنْهُ قَاتَلْنَاهُ , فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " امْضُوا عَلَى اسْمِ اللهِ) (?) (حَتَّى إِذَا كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ , قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: إِنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ بِالْغَمِيمِ فِي خَيْلٍ لِقُرَيْشٍ طَلِيعَةً (?) فَخُذُوا ذَاتَ الْيَمِينِ ") (?) (فَسَلَكُوا ذَاتَ الْيَمِينِ , بَيْنَ ظَهْرَيْ الْحَمْضِ , عَلَى طَرِيقٍ تُخْرِجُهُ عَلَى ثَنِيَّةِ الْمِرَارِ وَالْحُدَيْبِيَةِ , مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ) (?) (فَوَاللهِ مَا شَعَرَ بِهِمْ خَالِدٌ) (?) (فَلَمَّا رَأَتْ خَيْلُ قُرَيْشٍ قَتَرَةَ الْجَيْشِ (?) قَدْ خَالَفُوا عَنْ طَرِيقِهِمْ , نَكَصُوا رَاجِعِينَ إِلَى قُرَيْشٍ) (?) (نَذِيرًا لِقُرَيْشٍ , " وَسَارَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى إِذَا كَانَ بِالثَّنِيَّةِ الَّتِي يَهْبِطُ عَلَيْهِمْ مِنْهَا , بَرَكَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ , فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: حَلْ حَلْ (?) " , فَأَلَحَّتْ) (?) (فَقَالَ النَّاسُ: خَلَأَتْ) (?) (الْقَصْوَاءُ (?) خَلَأَتْ الْقَصْوَاءُ , فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " مَا خَلَأَتْ الْقَصْوَاءُ , وَمَا ذَلِكَ لَهَا بِخُلُقٍ , وَلَكِنْ حَبَسَهَا (?) حَابِسُ الْفِيلِ) (?) (عَنْ مَكَّةَ , ثُمَّ قَالَ: وَاللهِ لَا تَدْعُونِي قُرَيْشٌ الْيَوْمَ إِلَى خُطَّةٍ (?)) (?) (يُعَظِّمُونَ بِهَا حُرُمَاتِ اللهِ (?) إِلَّا أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا , ثُمَّ زَجَرَهَا فَوَثَبَتْ (?) فَعَدَلَ عَنْهُمْ , حَتَّى نَزَلَ بِأَقْصَى الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى ثَمَدٍ (?) قَلِيلِ الْمَاءِ " يَتَبَرَّضُهُ النَّاسُ تَبَرُّضًا , فَلَمْ يَلْبَثْهُ النَّاسُ أَنْ نَزَحُوهُ , فَشُكِيَ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الْعَطَشُ , " فَانْتَزَعَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ (?) ثُمَّ أَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهُ فِيهِ) (?) (فَأَعْطَاهُ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ " , فَنَزَلَ فِي قَلِيبٍ (?) مِنْ تِلْكَ الْقُلُبِ فَغَرَزَهُ فِيهِ , فَجَاشَ الْمَاءُ بِالرَّوَاءِ , حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ عَنْهُ بِعَطَنٍ) (?) (فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ , إِذْ جَاءَ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِيُّ فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ مِنْ خُزَاعَةَ - وَكَانُوا عَيْبَةَ نُصْحٍ (?) لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَهْلِ تِهَامَةَ - فَقَالَ: إِنِّي تَرَكْتُ كَعْبَ بْنَ لُؤَيٍّ , وَعَامِرَ بْنَ لُؤَيٍّ (?) نَزَلُوا أَعْدَادَ (?) مِيَاهِ الْحُدَيْبِيَةِ , مَعَهُمْ الْعُوذُ الْمَطَافِيلُ (?) وَهُمْ مُقَاتِلُوكَ وَصَادُّوكَ عَنْ الْبَيْتِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " إِنَّا لَمْ نَجِئْ لِقِتَالِ أَحَدٍ , وَلَكِنَّا جِئْنَا مُعْتَمِرِينَ , وَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ نَهِكَتْهُمْ (?) الْحَرْبُ فَأَضَرَّتْ بِهِمْ , فَإِنْ شَاءُوا مَادَدْتُهُمْ (?) مُدَّةً , وَيُخَلُّوا بَيْنِي وَبَيْنَ النَّاسِ (?) فَإِنْ أَظْهَرُ , فَإِنْ شَاءُوا أَنْ يَدْخُلُوا فِيمَا دَخَلَ فِيهِ النَّاسُ فَعَلُوا , وَإِلَّا فَقَدْ جَمُّوْا (?) وَإِنْ هُمْ أَبَوْا , فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأُقَاتِلَنَّهُمْ عَلَى أَمْرِي هَذَا حَتَّى تَنْفَرِدَ سَالِفَتِي , وَلَيُنْفِذَنَّ اللهُ أَمْرَهُ (?) " , فَقَالَ بُدَيْلٌ: سَأُبَلِّغُهُمْ مَا تَقُولُ) (?) (فَرَجَعُوا إِلَى قُرَيْشٍ , فَقَالُوا: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ , إِنَّكُمْ تَعْجَلُونَ عَلَى مُحَمَّدٍ , وَإِنَّ مُحَمَّدًا لَمْ يَأتِ لِقِتَالٍ , إِنَّمَا جَاءَ زَائِرًا لِهَذَا الْبَيْتِ , مُعَظِّمًا لَحَقِّهِ , فَاتَّهَمُوهُمْ - وَكَانَتْ خُزَاعَةُ فِي عَيْبَةِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مُسْلِمُهَا وَمُشْرِكُهَا , لَا يُخْفُونَ عَلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - شَيْئًا كَانَ بِمَكَّةَ - قَالُوا: وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا جَاءَ لِذَلِكَ , فلَا وَاللهِ لَا يَدْخُلُهَا أَبَدًا عَلَيْنَا عَنْوَةً , وَلَا تَتَحَدَّثُ بِذَلِكَ الْعَرَبُ , ثُمَّ بَعَثُوا إِلَيْهِ مِكْرَزَ بْنَ حَفْصِ بْنِ الْأَخْيَفِ , أَحَدَ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ , " فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: هَذَا رَجُلٌ غَادِرٌ " , فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - " كَلَّمَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِنَحْوٍ مِمَّا كَلَّمَ بِهِ أَصْحَابَهُ " , ثُمَّ رَجَعَ إِلَى قُرَيْشٍ فَأَخْبَرَهُمْ بِمَا قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَبَعَثُوا إِلَيْهِ الْحِلْسَ بْنَ عَلْقَمَةَ الْكِنَانِيَّ - وَهُوَ يَوْمَئِذٍ سَيِّدُ الْأَحَابِيشِ - " فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: هَذَا مِنْ قَوْمٍ) (?) (يُعَظِّمُونَ الْهَدْيَ) (?) (فَابْعَثُوا الْهَدْيَ فِي وَجْهِهِ " , فَبَعَثُوا الْهَدْيَ , فَلَمَّا رَأَى الْهَدْيَ يَسِيلُ عَلَيْهِ مِنْ عَرْضِ الْوَادِي فِي قَلَائِدِهِ , قَدْ أَكَلَ أَوْتَارَهُ مِنْ طُولِ الْحَبْسِ عَنْ مَحِلِّهِ) (?) (وَاسْتَقْبَلَهُ النَّاسُ يُلَبُّونَ , قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ , مَا يَنْبَغِي لِهَؤُلَاءِ أَنْ يُصَدُّوا عَنْ الْبَيْتِ) (?) (فَرَجَعَ وَلَمْ يَصِلْ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِعْظَامًا لِمَا رَأَى , فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ , قَدْ رَأَيْتُ مَا لَا يَحِلُّ صَدُّهُ الْهَدْيَ فِي قَلَائِدِهِ , قَدْ أَكَلَ أَوْتَارَهُ مِنْ طُولِ الْحَبْسِ عَنْ مَحِلِّهِ , فَقَالُوا: اجْلِسْ: إِنَّمَا أَنْتَ أَعْرَابِيٌّ لَا عِلْمَ لَكَ , فَبَعَثُوا إِلَيْهِ عُرْوَةَ بْنَ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيَّ , فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ , إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ مَا يَلْقَى مِنْكُمْ مَنْ تَبْعَثُونَ إِلَى مُحَمَّدٍ إِذَا جَاءَكُمْ مِنْ التَّعْنِيفِ وَسُوءِ اللَّفْظِ , وَقَدْ عَرَفْتُمْ أَنَّكُمْ وَالِدٌ وَأَنِّي وَلَدٌ (?) وَقَدْ سَمِعْتُ بِالَّذِي نَابَكُمْ , فَجَمَعْتُ مَنْ أَطَاعَنِي مِنْ قَوْمِي , ثُمَّ جِئْتُ حَتَّى آسَيْتُكُمْ بِنَفْسِي , قَالُوا: صَدَقْتَ) (?) (قَالَ: فَهَلْ تَتَّهِمُونِي؟ , قَالُوا: لَا , فَقَالَ: إِنَّ هَذَا قَدْ عَرَضَ عَلَيْكُمْ خُطَّةَ رُشْدٍ فَاقْبَلُوهَا , وَدَعُونِي آتِهِ , قَالُوا: ائْتِهِ) (?) (فَخَرَجَ حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيْهِ) (?) (فَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - " فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نَحْوًا مِنْ قَوْلِهِ لِبُدَيْلٍ (?) " , فَقَالَ عُرْوَةُ عِنْدَ ذَلِكَ: أَيْ مُحَمَّدُ , أَرَأَيْتَ إِنْ اسْتَأصَلْتَ قَوْمَكَ؟ , هَلْ سَمِعْتَ بِأَحَدٍ مِنْ الْعَرَبِ اجْتَاحَ أَهْلَهُ (?) قَبْلَكَ؟ , وَإِنْ تَكُنْ الْأُخْرَى (?) فَوَاللهِ إِنِّي لَأَرَى وُجُوهًا , وَأَرَى أَوْبَاشًا (?) مِنْ النَّاسِ) (?) (لَكَأَنِّي بِهِمْ قَدْ انْكَشَفُوا عَنْكَ غَدًا - قَالَ: وَأَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ - رضي الله عنه - خَلْفَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَاعِدٌ - فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: امْصُصْ بَظْرَ اللَّاتِ (?) أَنَحْنُ) (?) (نَفِرُّ عَنْهُ وَنَدَعُهُ؟) (?) (فَقَالَ: مَنْ هَذَا يَا مُحَمَّدُ؟ , قَالَ: " هَذَا ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ " , قَالَ: وَاللهِ لَوْلَا يَدٌ (?) كَانَتْ لَكَ عِنْدِي) (?) (لَمْ أَجْزِكَ بِهَا لَأَجَبْتُكَ (?)) (?) (وَلَكِنَّ هَذِهِ بِهَا , ثُمَّ تَنَاوَلَ لِحْيَةَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) (?) (- وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ قَائِمٌ عَلَى رَأسِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَعَهُ السَّيْفُ (?) وَعَلَيْهِ الْمِغْفَرُ -) (?) (فَضَرَبَ يَدَهُ بِنَصْلِ السَّيْفِ , وَقَالَ: أَخِّرْ يَدَكَ عَنْ لِحْيَةِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) (?) (قَبْلَ وَاللهِ) (?) (أَنْ لَا تَرْجِعَ إِلَيْكَ) (?) (فَرَفَعَ عُرْوَةُ رَأسَهُ , فَقَالَ:) (?) (وَيْحَكَ مَا أَفَظَّكَ وَأَغْلَظَكَ , " فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - " , فَقَالَ: مَنْ هَذَا يَا مُحَمَّدُ؟ , قَالَ: هَذَا ابْنُ أَخِيكَ , الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ , فَقَالَ: أَيْ غُدَرُ (?) هَلْ غَسَلْتُ سَوْأَتَكَ إِلَّا بِالْأَمْسِ؟) (?) (- وَكَانَ الْمُغِيرَةُ صَحِبَ قَوْمًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ , فَقَتَلَهُمْ وَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ , ثُمَّ جَاءَ فَأَسْلَمَ , فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " أَمَّا الْإِسْلَامُ فَقَدْ قَبِلْنَا , وَأَمَّا الْمَالُ , فَإِنَّهُ مَالُ غَدْرٍ , لَا حَاجَةَ لَنَا فِيهِ (?) " -) (?) (قَالَ: " فَكَلَّمَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِمِثْلِ مَا كَلَّمَ بِهِ أَصْحَابَهُ , فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ لَمْ يَأتِ يُرِيدُ حَرْبًا " , فَقَامَ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ رَأَى مَا يَصْنَعُ بِهِ أَصْحَابُهُ) (?) (" إِذَا تَوَضَّأَ " كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ) (?) (" وَلَا يَبْصُقُ بُصَاقَةً ") (?) (إِلَّا وَقَعَتْ فِي كَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ , فَدَلَكَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ) (?) (" وَلَا يَسْقُطُ مِنْ شَعَرِهِ شَيْءٌ " إِلَّا أَخَذُوهُ) (?) (" وَإِذَا أَمَرَهُمْ " ابْتَدَرُوا أَمْرَهُ , وَإِذَا تَكَلَّمُوا , خَفَضُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ وَمَا يُحِدُّونَ إِلَيْهِ النَّظَرَ (?) تَعْظِيمًا لَهُ) (?) (فَرَجَعَ إِلَى قُرَيْشٍ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ) (?) (وَاللهِ لَقَدْ وَفَدْتُ عَلَى الْمُلُوكِ , وَوَفَدْتُ عَلَى قَيْصَرَ وَكِسْرَى , وَالنَّجَاشِيِّ , وَاللهِ مَا رَأَيْتُ مَلِكًا قَطُّ يُعَظِّمُهُ أَصْحَابُهُ مَا يُعَظِّمُ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - " وَاللهِ إِنْ تَنَخَّمَ نُخَامَةً " إِلَّا وَقَعَتْ فِي كَفَّ رَجُلٍ مِنْهُمْ , فَدَلَكَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ , " وَإِذَا أَمَرَهُمْ " ابْتَدَرُوا أَمْرَهُ , " وَإِذَا تَوَضَّأَ " كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ , وَإِذَا تَكَلَّمُوا , خَفَضُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ , وَمَا يُحِدُّونَ إِلَيْهِ النَّظَرَ تَعْظِيمًا لَهُ) (?) (فَلَقَدْ رَأَيْتُ قَوْمًا لَا يُسْلِمُونَهُ لِشَيْءٍ أَبَدًا) (?) (وَإِنَّهُ قَدْ عَرَضَ عَلَيْكُمْ خُطَّةَ رُشْدٍ فَاقْبَلُوهَا) (?) (قَالَ: " وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَبْلَ ذَلِكَ بَعَثَ خِرَاشَ بْنَ أُمَيَّةَ الْخُزَاعِيَّ إِلَى مَكَّةَ , وَحَمَلَهُ عَلَى جَمَلٍ لَهُ يُقَالُ لَهُ: الثَّعْلَبُ " , فَلَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ , عَقَرَتْ بِهِ قُرَيْشٌ وَأَرَادُوا قَتْلَ خِرَاشٍ , فَمَنَعَهُمْ الْأَحَابِيشُ , حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - , " فَدَعَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عُمَرَ لِيَبْعَثَهُ إِلَى مَكَّةَ " , فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ , إِنِّي أَخَافُ قُرَيْشًا عَلَى نَفْسِي , وَلَيْسَ بِهَا مِنْ بَنِي عَدِيٍّ أَحَدٌ يَمْنَعُنِي , وَقَدْ عَرَفَتْ قُرَيْشٌ عَدَاوَتِي إِيَّاهَا , وَغِلْظَتِي عَلَيْهَا , وَلَكِنْ أَدُلُّكَ عَلَى رَجُلٍ هُوَ أَعَزُّ مِنِّي , عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ - رضي الله عنه - , " فَدَعَاهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَبَعَثَهُ إِلَى قُرَيْشٍ يُخْبِرُهُمْ أَنَّهُ لَمْ يَأتِ لِحَرْبٍ , وَأَنَّهُ جَاءَ زَائِرًا لِهَذَا الْبَيْتِ , مُعَظِّمًا لِحُرْمَتِهِ " , فَخَرَجَ عُثْمَانُ حَتَّى أَتَى مَكَّةَ , فَلَقِيَهُ أَبَانُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ , فَنَزَلَ عَنْ دَابَّتِهِ , وَحَمَلَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَرَدِفَ خَلْفَهُ , وَأَجَارَهُ حَتَّى بَلَّغَ رِسَالَةَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَانْطَلَقَ عُثْمَانُ حَتَّى أَتَى أَبَا سُفْيَانَ وَعُظَمَاءَ قُرَيْشٍ , فَبَلَّغَهُمْ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا أَرْسَلَهُ بِهِ , فَقَالُوا لِعُثْمَانَ: إِنْ شِئْتَ أَنْ تَطُوفَ بِالْبَيْتِ فَطُفْ بِهِ , فَقَالَ: مَا كُنْتُ لِأَفْعَلَ " حَتَّى يَطُوفَ بِهِ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - " , قَالَ: فَاحْتَبَسَتْهُ قُرَيْشٌ عِنْدَهَا , " فَبَلَغَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالْمُسْلِمِينَ أَنَّ عُثْمَانَ قَدْ قُتِلَ " , ثُمَّ إنَّ قُرَيْشًا بَعَثُوا سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو- أَحَدَ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ - فَقَالُوا: ائْتِ مُحَمَّدًا فَصَالِحْهُ , وَلَا يَكُونُ فِي صُلْحِهِ إِلَّا أَنْ يَرْجِعَ عَنَّا عَامَهُ هَذَا , فَوَاللهِ لَا تَتَحَدَّثُ الْعَرَبُ أَنَّهُ دَخَلَهَا عَلَيْنَا عَنْوَةً أَبَدًا , فَأَتَاهُ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو , " فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) (?) (قَالَ: لَقَدْ سَهُلَ مِنْ أَمْرِكُمْ) (?) وفي رواية: (سَهَّلَ اللهُ أَمْرَكُمْ) (?) (قَدْ أَرَادَ الْقَوْمُ الصُّلْحَ حِينَ بَعَثُوا هَذَا الرَّجُلَ " , فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - تَكَلَّمَا وَأَطَالَا الْكَلَامَ , وَتَرَاجَعَا , حَتَّى جَرَى بَيْنَهُمَا الصُّلْحُ , فَلَمَّا الْتَأَمَ الْأَمْرُ وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا الْكِتَابُ , وَثَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَأَتَى أَبَا بَكْرٍ , فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ , أَوَلَيْسَ بِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ , أَوَلَسْنَا بِالْمُسْلِمِينَ؟ , أَوَلَيْسُوا بِالْمُشْرِكِينَ؟ قَالَ: بَلَى , قَالَ: فَعَلَامَ نُعْطِي الذِّلَّةَ فِي دِينِنَا؟ , فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا عُمَرُ الْزَمْ غَرْزَهُ (?) حَيْثُ كَانَ , فَإِنِّي أَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللهِ , فَقَالَ عُمَرُ: وَأَنَا أَشْهَدُ , ثُمَّ أَتَى رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ , أَوَلَسْنَا بِالْمُسْلِمِينَ؟ أَوَلَيْسُوا بِالْمُشْرِكِينَ؟ , قَالَ: " بَلَى " , قَالَ: فَعَلَامَ نُعْطِي الذِّلَّةَ فِي دِينِنَا؟ , فَقَالَ: " أَنَا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ , لَنْ أُخَالِفَ أَمْرَهُ) (?) (وَهُوَ نَاصِرِي " , فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَوَلَسْتَ كُنْتَ تُحَدِّثُنَا أَنَّا سَنَأتِي الْبَيْتَ فَنَطُوفُ بِهِ؟ , قَالَ: " بَلَى , أَفَأَخْبَرْتُكَ أَنَّكَ تَأتِيهِ الْعَامَ؟ " , قَالَ: لَا , قَالَ: " فَإِنَّكَ آتِيهِ , وَمُتَطَوِّفٌ بِهِ) (?) (ثُمَّ دَعَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ - رضي الله عنه - فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: اكْتُبْ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ") (?) (فَقَالَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو: أَمَّا " الرَّحْمَنُ " , فَوَاللهِ مَا أَدْرِي مَا هُوَ , وَلَكِنْ اكْتُبْ: بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ , كَمَا كُنْتَ تَكْتُبُ , فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: وَاللهِ لَا نَكْتُبُهَا إِلَّا " بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ " , فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ) (?) (هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو ") (?) (فَقَالَ سُهَيْلٌ: وَاللهِ لَوْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ , مَا صَدَدْنَاكَ عَنْ الْبَيْتِ , وَلَا قَاتَلْنَاكَ , وَلَكِنْ اكْتُبْ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ , فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " وَاللهِ إِنِّي لَرَسُولُ اللهِ وَإِنْ كَذَّبْتُمُونِي , اكْتُبْ:) (?) (هَذَا مَا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ وَسُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو عَلَى وَضْعِ الْحَرْبِ عَشْرَ سِنِينَ , يَأمَنُ فِيهَا النَّاسُ , وَيَكُفُّ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ) (?) (وَعَلَى أَنَّ بَيْنَنَا عَيْبَةً مَكْفُوفَةً (?) وَأَنَّهُ لَا إِسْلَالَ وَلَا إِغْلَالَ (?)) (?) (وعَلَى أَنَّهُ مَنْ أَتَى رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَصْحَابِهِ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهِ , رَدَّهُ عَلَيْهِمْ , وَمَنْ أَتَى قُرَيْشًا مِمَّنْ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَرُدُّوهُ عَلَيْهِ , وَكَانَ فِي شَرْطِهِمْ حِينَ كَتَبُوا الْكِتَابَ , أَنَّهُ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَدْخُلَ فِي عَقْدِ مُحَمَّدٍ وَعَهْدِهِ دَخَلَ فِيهِ , وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَدْخُلَ فِي عَقْدِ قُرَيْشٍ وَعَهْدِهِمْ دَخَلَ فِيهِ - فَتَوَاثَبَتْ خُزَاعَةُ فَقَالُوا: نَحْنُ مَعَ عَقْدِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَعَهْدِهِ , وَتَوَاثَبَتْ بَنُو بَكْرٍ فَقَالُوا: نَحْنُ فِي عَقْدِ قُرَيْشٍ وَعَهْدِهِمْ -) (?) (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " عَلَى أَنْ تُخَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْبَيْتِ فَنَطُوفَ بِهِ " , فَقَالَ سُهَيْلٌ: وَاللهِ لَا تَتَحَدَّثُ الْعَرَبُ أَنَّا أُخِذْنَا ضُغْطَةً , وَلَكِنْ) (?) (تَرْجِعُ عَنَّا عَامَنَا هَذَا , فلَا تَدْخُلْ عَلَيْنَا مَكَّةَ , وَأَنَّهُ إِذَا كَانَ عَامُ قَابِلٍ خَرَجْنَا عَنْكَ , فَتَدْخُلُهَا بِأَصْحَابِكَ , وَأَقَمْتَ فِيهِمْ ثَلَاثًا , مَعَكَ سِلَاحُ الرَّاكِبِ , لَا تَدْخُلْهَا بِغَيْرِ السُّيُوفِ فِي الْقُرُبِ (?) فَبَيْنَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَكْتُبُ الْكِتَابَ) (?) (إِذْ دَخَلَ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو يَرْسُفُ فِي قُيُودِهِ (?) - وَقَدْ خَرَجَ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ , حَتَّى رَمَى بِنَفْسِهِ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُسْلِمِينَ) (?) (وَقَدْ كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجُوا وَهُمْ لَا يَشُكُّونَ فِي الْفَتْحِ , لِرُؤْيَا " رَآهَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - " , فَلَمَّا رَأَوْا مَا رَأَوْا مِنْ الصُّلْحِ وَالرُّجُوعِ , " وَمَا تَحَمَّلَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى نَفْسِهِ " , دَخَلَ النَّاسَ مِنْ ذَلِكَ أَمْرٌ عَظِيمٌ , حَتَّى كَادُوا أَنْ يَهْلِكُوا - فَلَمَّا رَأَى سُهَيْلٌ أَبَا جَنْدَلٍ , قَامَ إِلَيْهِ فَضَرَبَ وَجْهَهُ , ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ , قَدْ لُجَّتْ الْقَضِيَّةُ (?) بَيْنِي وَبَيْنَكَ قَبْلَ أَنْ يَأتِيَكَ هَذَا , قَالَ: " صَدَقْتَ ") (?) وفي رواية: (فَقَالَ سُهَيْلٌ: هَذَا يَا مُحَمَّدُ أَوَّلُ مَا أُقَاضِيكَ عَلَيْهِ أَنْ تَرُدَّهُ إِلَيَّ , فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " إِنَّا لَمْ نَقْضِ الْكِتَابَ بَعْدُ " , قَالَ: فَوَاللهِ إِذًا لَمْ أُصَالِحْكَ عَلَى شَيْءٍ أَبَدًا , فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " فَأَجِزْهُ لِي " , قَالَ: مَا أَنَا بِمُجِيزِهِ لَكَ , قَالَ: " بَلَى فَافْعَلْ " , قَالَ: مَا أَنَا بِفَاعِلٍ) (?) (فَقَامَ إِلَيْهِ فَأَخَذَ بِتَلْبِيبِهِ (?) فَصَرَخَ أَبُو جَنْدَلٍ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ , أَتَرُدُّونَنِي إِلَى أَهْلِ الشِّرْكِ فَيَفْتِنُونِي فِي دِينِي) (?) (وَقَدْ جِئْتُ مُسْلِمًا؟ , أَلَا تَرَوْنَ مَا قَدْ لَقِيتُ؟ - وَكَانَ قَدْ عُذِّبَ عَذَابًا شَدِيدًا فِي اللهِ -) (?) (فَزَادَ النَّاسُ شَرًّا إِلَى مَا بِهِمْ) (?) (وَقَالُوا: سُبْحَانَ اللهِ , كَيْفَ يُرَدُّ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَقَدْ جَاءَ مُسْلِمًا؟) (?) (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " يَا أَبَا جَنْدَلٍ , اصْبِرْ وَاحْتَسِبْ , فَإِنَّ اللهَ - عز وجل - جَاعِلٌ لَكَ وَلِمَنْ مَعَكَ مِنْ الْمُسْتَضْعَفِينَ فَرَجًا وَمَخْرَجًا , إِنَّا قَدْ عَقَدْنَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ صُلْحًا , فَأَعْطَيْنَاهُمْ عَلَى ذَلِكَ , وَأَعْطَوْنَا عَلَيْهِ عَهْدًا , وَإِنَّا لَنْ نَغْدِرَ بِهِمْ " , فَوَثَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى أَبِي جَنْدَلٍ , فَجَعَلَ يَمْشِي إِلَى جَنْبِهِ وَهُوَ يَقُولُ: اصْبِرْ أَبَا جَنْدَلٍ , فَإِنَّمَا هُمْ الْمُشْرِكُونَ , وَإِنَّمَا دَمُ أَحَدِهِمْ دَمُ كَلْبٍ , قَالَ: وَيُدْنِي قَائِمَ السَّيْفِ مِنْهُ ,قَالَ عُمَرُ: رَجَوْتُ أَنْ يَأخُذَ السَّيْفَ فَيَضْرِبَ بِهِ أَبَاهُ , فَضَنَّ الرَّجُلُ بِأَبِيهِ , وَنَفَذَتْ الْقَضِيَّةُ) (?) (" فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ قَضِيَّةِ الْكِتَابِ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: قُومُوا فَانْحَرُوا ثُمَّ احْلِقُوا " , قَالَ: فَوَاللهِ مَا قَامَ مِنْهُمْ رَجُلٌ) (?) (" ثُمَّ عَادَ بِمِثْلِهَا " , فَمَا قَامَ رَجُلٌ , " ثُمَّ عَادَ بِمِثْلِهَا " , فَمَا قَامَ رَجُلٌ) (?) (" حَتَّى قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ) (?) (فَرَجَعَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَدَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ - رضي الله عنها - فَقَالَ: يَا أُمَّ سَلَمَةَ , مَا شَأنُ النَّاسِ؟ " , قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ , قَدْ دَخَلَهُمْ مَا قَدْ رَأَيْتَ , فلَا تُكَلِّمَنَّ مِنْهُمْ إِنْسَانًا , وَاعْمِدْ إِلَى هَدْيِكَ حَيْثُ كَانَ , فَانْحَرْهُ وَاحْلِقْ , فَلَوْ قَدْ فَعَلْتَ ذَلِكَ فَعَلَ النَّاسُ ذَلِكَ , " فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لَا يُكَلِّمُ أَحَدًا , حَتَّى أَتَى هَدْيَهُ فَنَحَرَهُ) (?) (بِالْحُدَيْبِيَةِ قَبْلَ أَنْ يَحْلِقَ) (?) (ثُمَّ دَعَا حَالِقَهُ فَحَلَقَ " فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ , قَامُوا فَنَحَرُوا , وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا , حَتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا غَمًّا) (?) (" حَتَّى إِذَا كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فِي وَسَطِ الطَّرِيقِ , نَزَلَتْ سُورَةُ الْفَتْحِ (?)) (?) (ثُمَّ رَجَعَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الْمَدِينَةِ " , فَجَاءَهُ نِسْوَةٌ مُؤْمِنَاتٌ) (?) (مُهَاجِرَاتٌ - وَكَانَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ مِمَّنْ خَرَجَ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَئِذٍ وَهِيَ عَاتِقٌ (?) - فَجَاءَ أَهْلُهَا يَسْأَلُونَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَرْجِعَهَا إِلَيْهِمْ , " فَلَمْ يَرْجِعْهَا إِلَيْهِمْ , لِمَا أَنْزَلَ اللهُ فِيهِنَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمْ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ , اللهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ , فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ , لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ , وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ , وَآَتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا , وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ , وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} (?)) (?) (فَطَلَّقَ عُمَرُ يَوْمَئِذٍ امْرَأَتَيْنِ كَانَتَا لَهُ فِي الشِّرْكِ , فَتَزَوَّجَ إِحْدَاهُمَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَالْأُخْرَى صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ) (?) ({وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ , وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا} (?) فَنَهَاهُمْ اللهُ أَنْ يَرُدُّوهُنَّ , وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَرُدُّوا الصَّدَاقَ) (?) (فَلَمَّا أَبَى الْكُفَّارُ أَنْ يُقِرُّوا بِأَدَاءِ مَا أَنْفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ , أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: {وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ} (?) وَالْعَقْبُ: مَا يُؤَدِّي الْمُسْلِمُونَ إِلَى مَنْ هَاجَرَتْ امْرَأَتُهُ مِنْ الْكُفَّارِ {فَآَتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا} (?) فَأَمَرَ اللهُ أَنْ يُعْطَى مَنْ ذَهَبَ لَهُ زَوْجٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ , مَا أَنْفَقَ مِنْ صَدَاقِ نِسَاءِ الْكُفَّارِ اللَّائِي هَاجَرْنَ) (?) (قَالَ: ثُمَّ جَاءَهُ أَبُو بَصِيرٍ - رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ - وَهُوَ مُسْلِمٌ , فَأَرْسَلُوا فِي طَلَبِهِ رَجُلَيْنِ , فَقَالُوا: الْعَهْدَ الَّذِي جَعَلْتَ لَنَا " فَدَفَعَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الرَّجُلَيْنِ " , فَخَرَجَا بِهِ , حَتَّى بَلَغَا ذَا الْحُلَيْفَةِ , نَزَلُوا يَأكُلُونَ مِنْ تَمْرٍ لَهُمْ , فَقَالَ أَبُو بَصِيرٍ لِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ: وَاللهِ إِنِّي لَأَرَى سَيْفَكَ هَذَا يَا فُلَانُ جَيِّدًا , فَاسْتَلَّهُ الْآخَرُ فَقَالَ: أَجَلْ قَدْ جَرَّبْتُ بِهِ ثُمَّ جَرَّبْتُ , فَقَالَ أَبُو بَصِيرٍ: أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْهِ؟ , فَأَمْكَنَهُ مِنْهُ , فَضَرَبَهُ حَتَّى بَرَدَ (?) وَفَرَّ الْآخَرُ حَتَّى أَتَى الْمَدِينَةَ , فَدَخَلَ الْمَسجِدَ يَعْدُو , فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ رَآهُ: " لَقَدْ رَأَى هَذَا ذُعْرًا " , فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: قُتِلَ وَاللهِ صَاحِبِي , وَإِنِّي لَمَقْتُولٌ , فَجَاءَ أَبُو بَصِيرٍ فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ , قَدْ وَاللهِ أَوْفَى اللهُ ذِمَّتَكَ , قَدْ رَدَدْتَنِي إِلَيْهِمْ , ثُمَّ أَنْجَانِي اللهُ مِنْهُمْ , فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " وَيْلَ أُمِّهِ , مِسْعَرَ حَرْبٍ (?) لَوْ كَانَ لَهُ أَحَدٌ (?) " , فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ , عَرَفَ أَنَّهُ سَيَرُدُّهُ إِلَيْهِمْ) (?) (- وَلَمْ يَأتِ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَحَدٌ مِنْ الرِّجَالِ , إِلَّا رَدَّهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ , وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا -) (?) (فَخَرَجَ حَتَّى أَتَى سَيْفَ الْبَحْرِ (?) وَانْفَلَتَ مِنْهُمْ أَبُو جَنْدَلٍ بْنُ سُهَيْلٍ فَلَحِقَ بِأَبِي بَصِيرٍ , فَجَعَلَ لَا يَخْرُجُ مِنْ قُرَيْشٍ رَجُلٌ قَدْ أَسْلَمَ , إِلَّا لَحِقَ بِأَبِي بَصِيرٍ , حَتَّى اجْتَمَعَتْ مِنْهُمْ عِصَابَةٌ , فَوَاللهِ مَا يَسْمَعُونَ بِعِيرٍ (?) خَرَجَتْ لِقُرَيْشٍ إِلَى الشَّامِ , إِلَّا اعْتَرَضُوا لَهَا , فَقَتَلُوهُمْ وَأَخَذُوا أَمْوَالَهُمْ) (?) (فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ , رَكِبَ نَفَرٌ مِنْهُمْ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا: إِنَّهَا لَا تُغْنِي مُدَّتُكَ شَيْئًا وَنَحْنُ نُقْتَلُ وَتُنْهَبُ أَمْوَالُنَا , وَإِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تُدْخِلَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَسْلَمُوا مِنَّا فِي صُلْحِكَ , وَتَمْنَعَهُمْ وَتَحْجِزَ عَنَّا قِتَالَهُمْ) (?) (" فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَيْهِمْ , فَأَنْزَلَ اللهُ - عز وجل -: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا , هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا , وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ , وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ , وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ , أَنْ تَطَئُوهُمْ , فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ (?) بِغَيْرِ عِلْمٍ , لِيُدْخِلَ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ , لَوْ تَزَيَّلُوا (?) لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا , إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ} (?) وَكَانَتْ حَمِيَّتُهُمْ أَنَّهُمْ لَمْ يُقِرُّوا أَنَّهُ نَبِيُّ اللهِ , وَلَمْ يُقِرُّوا بِـ " بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ " , وَحَالُوا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْبَيْتِ (?)) (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015