أَرْكَان وَفَرَائِض التَّيَمُّم
النِّيَّة فِي التَّيَمُّم

(خ م د) , عَنْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم -: " إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ , وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى " (?)

مَذَاهِبُ الْفُقَهَاءِ فِي الْمَسْأَلَة:

قَالَ الْحَنَفِيَّةُ: النِّيَّةُ فِي التَّيَمُّمِ لا يَجِبُ فِيهَا التَّمْيِيزُ بَيْنَ الْحَدَثِ وَالْجَنَابَةِ، فَلَوْ تَيَمَّمَ الْجُنُبُ يُرِيدُ بِهِ الْوُضُوءَ جَازَ؛ لأَنَّ الشُّرُوطَ يُرَاعَى وُجُودُهَا لا غَيْرُ، فَإِذَا تَيَمَّمَ لِلْعَصْرِ جَازَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ غَيْرَهُ. (?)

وَقَالَ الْخَصَّافُ: يَجِبُ التَّمْيِيزُ لِكَوْنِهِ يَقَعُ لَهُمَا عَلَى صِفَةٍ وَاحِدَةٍ فَيُمَيِّزُ بِالنِّيَّةِ كَالصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ. (?)

وَأَمَّا مَالِكٌ فَقَدْ رَوَى عَنْهُ الْمَنْعَ، وَرَوَى ابْنُ مَسْلَمَةَ عَنْهُ الْجَوَازَ. قَالَ الْبَاجِيُّ فِي الْمُنْتَقَى: اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِي الْجُنُبِ يَتَيَمَّمُ نَاسِيًا لِجَنَابَتِهِ يَنْوِي مِنَ الْحَدَثِ الأَصْغَرِ فَمَنَعَ مِنْهُ مَالِكٌ، وَجَوَّزَهُ ابْنُ مَسْلَمَةَ، وَرَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ. (?)

وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: لَوْ نَوَى الْمُتَيَمِّمُ اسْتِبَاحَةَ الصَّلاةِ بِسَبَبِ الْحَدَثِ الأَصْغَرِ وَكَانَ جُنُبًا، أَوْ بِسَبَبِ الْجَنَابَةِ وَكَانَ مُحْدِثًا صَحَّ بِالاتِّفَاقِ إِذَا كَانَ غَالِطًا. (?)

وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ: يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ النِّيَّةِ لِمَا تَيَمَّمَ لَهُ كَصَلاةٍ، وَطَوَافٍ، وَمَسِّ الْمُصْحَفِ مِنْ حَدَثٍ أَصْغَرَ أَوْ أَكْبَرَ، أَوْ نَجَاسَةٍ عَلَى بَدَنِهِ؛ لأَنَّ التَّيَمُّمَ لا يَرْفَعُ الْحَدَثَ وَإِنَّمَا يُبِيحُ الصَّلاةَ، فَلَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنَ التَّعْيِينِ تَقْوِيَةً لِضَعْفِهِ، وَصِفَةُ التَّعْيِينِ أَنْ يَنْوِيَ اسْتِبَاحَةَ صَلاةِ الظُّهْرِ مَثَلا مِنَ الْجَنَابَةِ إِنْ كَانَ جُنُبًا، أَوْ مِنَ الْحَدَثِ إِنْ كَانَ مُحْدِثًا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. وَإِنْ نَوَى اسْتِبَاحَةَ الصَّلاةِ مِنَ الْحَدَثِ الأَكْبَرِ وَالأَصْغَرِ وَالنَّجَاسَةِ بِبَدَنِهِ صَحَّ تَيَمُّمُهُ وَأَجْزَأَهُ لأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَدْخُلُ فِي الْعُمُومِ. (?)

ب - إِنْ كَانَ فِي رَحْلِهِ مَاءٌ فَأَخْطَأَ رَحْلَهُ فَطَلَبَهُ فَلَمْ يَجِدْهُ فَتَيَمَّمَ وَصَلَّى، مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ وَوَجْهٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَمَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ يُجْزِئُهُ التَّيَمُّمُ وَلا إِعَادَةَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ؛ وَلأَنَّهُ غَيْرُ مُفَرِّطٍ فِي الطَّلَبِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ تَلْزَمُهُ الإِعَادَةُ؛ لأَنَّهُ فَرَّطَ فِي حِفْظِ الرَّحْلِ. (?)

ج - إِذَا كَانَ عَالِمًا بِالْمَاءِ وَظَنَّ أَنَّهُ قَدْ نَفَذَ فَتَيَمَّمَ وَصَلَّى أَعَادَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ اتِّفَاقًا، وَكَذَلِكَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالأَصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ؛ لأَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى الاسْتِعْمَالِ ثَابِتَةٌ بِعِلْمِهِ فَلا يَنْعَدِمُ بِظَنِّهِ، وَعَلَيْهِ التَّحَرِّي، فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ لا يُجْزِئُهُ التَّيَمُّمُ وَلأَنَّهُ كَانَ عَالِمًا بِهِ وَظَهَرَ خَطَأُ الظَّنِّ.

وَمُقَابِلُ الأَصَحِّ أَنَّهُ لا إِعَادَةَ عَلَيْهِ؛ لأَنَّ ذَلِكَ عُذْرٌ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَاءِ فَسَقَطَ الْفَرْضُ بِالتَّيَمُّمِ قَالَهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ. (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015