(ت س د ن) , وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُكَيْمٍ الْجُهَنِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: (" أَتَانَا كِتَابُ رَسُولِ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم -) (?) (قَبْلَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ) (?) (فَقُرِئَ عَلَيْنَا) (?) (بِأَرْضِ جُهَيْنَةَ وَأَنَا غُلَامٌ شَابٌّ) (?) (أَنْ لَا تَنْتَفِعُوا مِنْ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ (?) ") (?)

وفي رواية: " قُرِئَ عَلَيْنَا كِتَابُ رَسُولِ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - مِنْ أَرْضِ جُهَيْنَةَ وَأَنَا غُلامٌ شَابٌّ , أَنْ لَا تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِشَيْءٍ " (?)

مَذَاهِبُ الْفُقَهَاءِ فِي الْمَسْأَلَة:

يُسْتَفَادُ مِنْ أَقْوَالِ الْفُقَهَاءِ الَّتِي تَقَدَّمَ بَيَانُهَا أَنَّ أَوَانِيَ غَيْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ كَأَوَانِي أَهْلِ الْكِتَابِ فِي حُكْمِ اسْتِعْمَالِهَا عِنْدَ الأَئِمَّةِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَبَعْضِ الْحَنَابِلَةِ.

وَبَعْضُ الْحَنَابِلَةِ يَرَوْنَ أَنَّ مَا اسْتَعْمَلَهُ الْكُفَّارُ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنَ الأَوَانِي لا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهَا لأَنَّ أَوَانِيَهُمْ لا تَخْلُو مِنْ أَطْعِمَتِهِمْ. وَذَبَائِحُهُمْ مَيْتَةٌ، فَتَكُونُ نَجِسَةً. (?)

ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ غَسْلُ آنِيَةِ الْمَجُوسِيِّ لأَنَّهُمْ يَأكُلُونَ الْمَيْتَةَ فَلا يُقَرَّبُ لَهُمْ طَعَامٌ (?) وَحُجَّتُهُمْ حَدِيثُ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ قَالَ: " سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قُدُورِ الْمَجُوسِ فَقَالَ: انْقُوهَا غَسْلا وَاطْبُخُوا فِيهَا ".

المغني (مكتبة القاهرة-د. ط -1388هـ 1968م) ج1 ص61 - 62: غَيْرُ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَهُمْ الْمَجُوسُ، وَعَبَدَةُ الأَوْثَانِ، وَنَحْوُهُمْ، فَحُكْمُ ثِيَابِهِمْ حُكْمُ ثِيَابِ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَأَمَّا أَوَانِيهِمْ، فَقَالَ الْقَاضِي: لا يُسْتَعْمَلُ مَا اسْتَعْمَلُوهُ مِنْ آنِيَتِهِمْ؛ لأَنَّ أَوَانِيَهُمْ لا تَخْلُو مِنْ أَطْعِمَتِهِمْ، وَذَبَائِحُهُمْ مَيْتَةٌ، فَلا تَخْلُو أَوَانِيهِمْ مِنْ وَضْعِهَا فِيهَا.

وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ حُكْمُهُمْ حُكْمُ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَثِيَابُهُمْ وَأَوَانِيهِمْ طَاهِرَةٌ، مُبَاحَةُ الاسْتِعْمَالِ، مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ نَجَاسَتَهَا، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ؛ " لأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ تَوَضَّئُوا مِنْ مَزَادَةِ مُشْرِكَةٍ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ؛ وَلأَنَّ الأَصْلَ الطَّهَارَةُ، فَلا تَزُولُ بِالشَّكِّ. وَظَاهِرُ كَلامِ أَحْمَدَ، رَحِمَهُ اللَّهُ، مِثْلُ قَوْلِ الْقَاضِي، فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْمَجُوسِ: لا يُؤْكَلُ مِنْ طَعَامِهِمْ إلا الْفَاكِهَةُ؛ لأَنَّ الظَّاهِرَ نَجَاسَةُ آنِيَتِهِمْ الْمُسْتَعْمَلَةِ فِي أَطْعِمَتِهِمْ، فَأَشْبَهَتْ السَّرَاوِيلاتِ مِنْ ثِيَابِهِمْ. وَمَنْ يَأكُلُ الْخِنْزِيرَ مِنْ النَّصَارَى، فِي مَوْضِعٍ يُمْكِنُهُمْ أَكْلُهُ، أَوْ يَأكُلُ الْمِيتَةَ، أَوْ يَذْبَحُ بِالسِّنِّ وَالظُّفْرِ وَنَحْوِهِ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ غَيْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ؛ لاتِّفَاقِهِمْ فِي نَجَاسَةِ أَطْعِمَتِهِمْ. وَمَتَى شَكَّ فِي الإِنَاءِ؛ هَلْ اسْتَعْمَلُوهُ فِي أَطْعِمَتِهِمْ، أَوْ لَمْ يَسْتَعْمِلُوهُ، فَهُوَ طَاهِرٌ؛ لأَنَّ الأَصْلَ طَهَارَتُهُ.

شرح منتهى الإرادات (عالم الكتب-الطبعة الأولى-1414هـ-1993م) ج1 ص30: (وَمَا لَمْ تُعْلَمْ نَجَاسَتُهُ مِنْ آنِيَةِ كُفَّارٍ وَلَوْ لَمْ تَحِلَّ ذَبِيحَتُهُمْ) كَالْمَجُوسِ.

(وَ) مَا لَمْ تُعْلَمْ نَجَاسَتُهُ مِنْ (ثِيَابِهِمْ وَلَوْ وَلِيَتْ عَوْرَاتِهِمْ) كَالسَّرَاوِيلِ (وَكَذَا) مَا لَمْ تُعْلَمْ نَجَاسَتُهُ مِنْ آنِيَةٍ وَثِيَابٍ (مَنْ لابَسَ النَّجَاسَةَ كَثِيرًا) كَمُدْمِنِ الْخَمْرِ (طَاهِرٌ مُبَاحٌ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} وَهُوَ يَتَنَاوَلُ مَا لا يَقُومُ إلا بِآنِيَةٍ. وَلأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ " تَوَضَّئُوا مِنْ مَزَادَةِ امْرَأَةٍ مُشْرِكَةٍ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلأَنَّ الأَصْلَ الطَّهَارَةُ، فَلا تَزُولُ بِالشَّكِّ، وَبَدَنُ الْكَافِرِ طَاهِرٌ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015