مَسُّ الْكَافِرِ الْمُصْحَفَ

ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى مَنْعِ الْكَافِرِ مِنْ مَسِّ الْمُصْحَفِ لأَنَّ الْكَافِرَ نَجِسٌ فَيَجِبُ تَنْزِيهُ الْمُصْحَفِ عَنْ مَسِّهِ. (?)

وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ مُحَمَّدٌ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ فَقَالَ: لا بَأسَ أَنْ يَمَسَّ الْقُرْآنَ إِذَا اغْتَسَلَ لأَنَّ الْمَانِعَ هُوَ الْحَدَثُ وَقَدْ زَالَ بِالْغُسْلِ، وَإِنَّمَا بَقِيَ نَجَاسَةُ اعْتِقَادِهِ وَذَلِكَ فِي قَلْبِهِ لا فِي يَدِهِ. (?)

قال الألباني في تمام المنة (ج1 / ص107):

ذكر (السيد سابق) فيما يجب له الوضوء حديث: " لَا يمس القرآن إِلَّا طاهر "

قال المؤلف: فالحديث يدل على أنه لَا يجوز مس المصحف إِلَّا لمن كان طاهرا , ولكن الطاهر لفظ مشترك يُطلق على الطاهر من الحدث الأكبر والطاهر من الحدث الأصغر , ويُطلق على المؤمن , وعلى من ليس على بدنه نجاسة , ولا بد لحمله على معين من قرينة , فلا يكون الحديث نَصًّا في منع المحدث حدثا أصغر من مس المصحف "

قال الألباني: هذا الكلام اختصره المؤلف من كلام الشوكاني على الحديث في " نيل الأوطار " (1/ 180 - 181) وهو كلام مستقيم لَا غُبار عليه , إِلَّا قوله في آخره: " فلا يكون الحديث نصا في منع المحدث حدثا أصغر من مس المصحف " , فإنه من كلام المؤلف , ومفهومه أن الحديث نصٌّ في منع المحدث حدثا أكبر من مس المصحف , وهو على هذا غير منسجم مع سياق كلامه , لأنه قال فيه: " ولا بد لحمله على معين من قرينة " فهاهو قد حمله على المحدث حدثا أكبر فأين القرينة؟ , فالأقرب - والله أعلم - أن المراد بالطاهر في هذا الحديث هو المؤمن , سواء أكان مُحْدثا حدثا أكبر أو أصغر أو حائضا أو على بدنه نجاسة , لقوله - صلى اللهُ عليه وسلَّم -: " المؤمن لَا يَنْجُس " وهو متفق على صحته , والمراد عدم تمكين المشرك من مسه , فهو كحديث: " نهى رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - عن السفر بالقرآن إلى أرض العدو " متفق عليه. أ. هـ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015