غير أن الاستدلال بالحديث على النهي عن المحاريب المبتدعة في المساجد - كما فهم السيوطي على ما نقله المناوي عنه صراحة ويشير إليه كلامه المذكور سابقا - غير ظاهر وإن سبقه البيهقي إلى ذلك حيث أورد الحديث في (باب في كيفية بناء المساجد) قال المناوي متعقبا كلام السيوطي المشار إليه:
(أقول: وهذا بناء منه على ما فهمه من لفظ الحديث أن مراده بالمحراب ليس إلا ما هو المتعارف عليه في المسجد الآن ولا كذلك فإن الإمام الشهير المعروف بابن الأثير قد نص على أن المراد بالمحاريب في الحديث صدور المجالس قال: ومنه حديث أنس: كان يكره المحاريب. أي: لم يكن يحب أن يجلس في صدور المجالس ويرتفع على الناس. انتهى)
قلت: وفيه أن ابن الأثير لم ينص على ما ذكره المناوي فإن نص كلامه في النهاية:
(المحراب): الموضع العالي المشرف وهو صدر المجلس أيضا ومنه سمي محراب المسجد وهو صدره وأشرف موضع فيه ومنه حديث أنس. . .) إلخ كلامه الذي نقله المناوي. فأنت ترى أنه لم يتعرض لذكر الحديث الذي نحن في صدده مطلقا فكيف يقول المناوي:
(قد نص على أن المراد بالمحاريب في الحديث صدور المجالس)؟
وإنما نص على أن هذا هو المراد بالمحاريب في حديث أنس الذي أورده هو نفسه - أعني: ابن الأثير - وليس يخفى أنه لا يلزم من ورود هذا اللفظ