منها ما هو على سمته أمامه ثم يبقى أكثرها من عن يمينه ويساره غير مستقبلها؟ وحينئذ ما الفرق بين هذا وبين الصلاة داخلها وهو في كلا الحالين إنما يستقبل بعضها. ولذلك قال ابن حزم رحمه الله:

(واحتج أتباع مالك بأن قالوا: إن من صلى داخل الكعبة فقد استدبر بعض الكعبة (قال:) إنما قال الله عز وجل: {ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره} [البقرة: 150] فلو كان ما ذكره المالكيون حجة لما حل لأحد أن يصلي في المسجد الحرام لأنه هو القبلة بنص كلام الله تعالى في القرآن وكل من يصلي فيه فلا بد له من أن يستدبر بعضه فظهر فساد هذا القول. وأيضا فإن كل من صلى إلى المسجد الحرام أو إلى الكعبة فلا بد له من أن يترك بعضها عن يمينه وبعضها عن شماله ولا فرق عند أحد من أهل العلم في أنه لا فرق بين استدبار القبلة في الصلاة وبين أن يجعلها عن يمينه أو عن شماله فصح أنه لم يكلفنا الله عز وجل قط مراعاة هذا وإنما كلفنا أن نقابل بأوجهنا ما قابلنا من جدار الكعبة أو من جدار المسجد قبالة الكعبة حيثما كنا فقط)

وأما قول الشيخ رحمه الله: (فلا بد لهذا الكلام من فائدة) فهو حق لكن ليس من الظاهر من هذا الكلام ما فهمه شيخ الإسلام من الفرق بين النافلة والفريضة في الاستقبال وكأنه لذلك لم يذهب إليه أحد من الشراح فقد ذكر الحافظ في المراد من قوله عليه الصلاة والسلام: (هذه القبلة) أربعة أقوال للعلماء ليس فيها هذا الذي ذهب إليه الشيخ وسيأتي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015