فيه النهي عن مطلق الصلاة) ليس بظاهر عندي أنه مطلق بل هو مقيد بصلاة الجماعة كحديث معاوية بن قرة بدليل قوله: (لا تصلوا بين الأساطين وأتموا الصفوف) فهذا عندي كالتفسير للنهي المذكور قبله والله أعلم. فإذا صح هذا وصح حديث أنس بهذه الزيادة فيكون فيها الإشارة إلى علة النهي وهي قطع الصفوف ولذلك أمر بإتمامها في الحديث نفسه والله أعلم

وقد صرح الإمام أحمد بهذا فقال أبو داود في (مسائله):

(سمعت أحمد سئل عن الصلاة بين الأساطين؟ قال: إنما كره لأنه يقطع الصف فإذا تباعد بينهما فأرجو)

ولذلك أقول: إنه ينبغي لمن أراد أن يبني مسجدا أو جامعا أن يأمر المهندس بأن يضع له خارطة تكون فيه السواري قليلة ما أمكن تقليلا للمفسدة التي تترتب على وجودها في المساجد من قطع الصفوف وتضييق المكان على المصلين وإنه لمن الممكن اليوم بناء المسجد بدون أية سارية بواسطة الشمنتو والحديد (الباطون) إذا لم يكن المسجد واسعا جدا وقد بنيت في دمشق عدة مساجد على هذه المثال كمسجد (لالا باشا) في شارع بغداد وجامع المرابط في المهاجرين وغيرهما فالصفوف فيهما متصلة كلها حاشا الصفوف الأمامية فإنها مقطوعة مع الأسف بسبب هذه البدعة التي عمت جميع المساجد تقريبا وأعني بذلك المنبر العالي الطويل ذا الدرجات الكثيرة فهو على كونه بدعة مخالفة لهديه عليه الصلاة والسلام في منبره ذي الثلاث درجات وعلى ما فيه من الزخرفة والنقوش والإسراف وتضييع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015