والقلوب، وهو الرافع لأقوام قائمين بالعلم والإيمان، الخافض لأعدائه، وهو المُعِزُّ لأهل طاعته، وهذا عز حقيقي؛ فإن المطيع لله عزيز وإن كان فقيراً ليس له أعوان، المُذِلُّ لأهل معصيته وأعدائه ذُلاًّ في الدنيا والآخرة. فالعاصي وإن ظهر بمظاهر العز فقلبه حشوه الذُّلُّ وإنْ لم يشعر به لانغماسه في الشهوات؛ فإنّ العزّ كلّ العزّ بطاعة الله، والذُّلُّ بمعصيته: {وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ} (?)، {مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا} (?)، {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} (?). وهو تعالى المانع المعطي فلا معطي لما منع، ولا مانع لما أعطى، وهذه الأمور كلها تبع لعدله وحكمته وحمده؛ فإنّ له الحكمة في خفض من يخفضه ويُذِلُّه ويحرمه، ولا حجّة لأحد على الله، كما له الفضل المحض على من رفعه وأعطاه وبسط له الخيرات، فعلى العبد أن يعترف بحكمة الله، كما عليه