لم يكن له بد أن يحلف جميع الأيمان ثم يحلف من يأتي بعده بقدر نصيبه من الميراث ويحلفون في القسامة قياما ويجلب إلى مكة والمدينة وبيت المقدس أهل أعمالها للقسامة ولا يجلب في غيرها إلا من الأميال اليسيرة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وغاب البعض "لم يكن له" أي لمن حضر "بد" بضم الموحدة وشد المهملة أي مهرب "أن يحلف جميع الأيمان" الخمسين عند مالك وإلا لم يستحق من الدية شيئا "ثم يحلف من يأتي" أي يجيء ممن كان غائبا "بعده بقدر نصيبه من الميراث" ولا يجتزى بيمين من حضر قبله قال الفاكهاني لأن من شرط أخذ هذا المال حصول الأيمان فإذا حلف الحاضر استحق نصيبه منه والآتي بعد ذلك من الورثة يحلف ما ينوبه من الأيمان ويأخذ نصيبه ولا يحلف الكل لتقدم حلف الحاضر كل الأيمان "ويحلفون في القسامة" وغيرها من الحقوق المالية "قياما" على المشهور ردعا لهم وزجرا لعل المبطل يرجع للحق وظاهر كلامه أنه لا يغلظ عليهم بالزمان وإنما يغلظ عليهم بالمكان وإليه أشار بقوله: "ويجلب الحالف إلى مكة" المشرفة "وإلى المدينة" على ساكنها أفضل الصلاة والسلام "و" إلى "بيت المقدس أهل أعمالها" نائب فاعل يجلب والمعنى أنه يجلب لهذه الأماكن المشرفة أهل طاعة هذه الأماكن للقسامة تغليظا عليهم ولو كان بينه وبين هذه الأماكن زمن طويل نحو عشرة أيام لأنه أدرع للكاذب لشرفها "ولا يجلب في غيرها" أي إلى غير هذه الأماكن الثلاثة "إلا من الأميال اليسيرة" أي إلا أن يكون الجلب من الأميال اليسيرة وحدها