وقد جاء في كلمة مصطفى بن عامر في مرافعته: (لقد سبق لي وأنا لست عضواً في المجلس حين وضعت المعاهدة البريطانية والاتفاقية الامريكية أمامكم لتقولوا كلمتكم فيها، أن ابلغتكم آرائي عن هذين القيدين الحديدين اللذين صيغا للبلاد وأعدا لمنع تقدمها من طريق العزة والكرامة والحرية رغم ماقدمته بريطانيا وأمريكا الى خزينة الحكومة من فتات الاعانات، وفضلات المساعدات التي ظهرت ارقاماً ضخمة في الميزانية الحالية والميزانيات السابقة، ولكن أي أثر احداثته تلك الأرقام الضخمة في النهضة الاقتصادية، وفي العدالة الاجتماعية اللهم إلا إذا احدثنا تعريفاً جديداً لحقيقة النهضة، وحقيقة العدالة وفسرناهما تفسيراً يتمشى مع الاوضاع السائدة التي تقوم على ترف الاقلية، وبؤس الاغلبية، واعتبار الفساد ضرورة لا بد منها، والاصلاح حلماً من أحلام الطيش والغرور، لقد مددنا أيدينا للانكليز والأمريكان وأخذنا منهم الشلنات والدولارات، واعطيناهم أعز مانملك وأكرم مانحرص عليه فماذا عملنا بما أخذنا لاشيء، .. أين موقفنا هذا من ذلك الموقف الذي كنا نقفه في وجه الادارة البريطانية السابقة عندما كانت تدعي وجود عجز في الميزانية وما كان يبلغ نصف مليون جنيه وكنا نعتبر هذا العجز مفتعل نتيجة الاسراف المقصود لإقامة حجة علينا ومع ذلك فقد عاشت ليبيا تحت حكم الادارة البريطانية تسعة اعوام تخللتها سنون عجاف كان الجفاف فيها أشد من الجفاف الآن لكننا لم نشاهد بؤساً كما نشاهد اليوم ولم يمت احد من الجوع مثلما حدث في هذا الوقت كما أعلن ذلك أحد النواب المحترمين في قاعة هذا المجلس بالرغم من وجود القمح الامريكي الذي ظن أنه لن يترك بيتاً جائعاً. ولآن نريد أن نعرف مامعنى أن نصبح دولة مستقلة ذات سيادة.
معنى ذلك أن نضخم ارقام الميزانية حتى يقال أنها ميزانية دولة لا ميزانية مستعمرة ونبني المنازل لسكنى الوزراء ونقيم العمارات ونؤثثها وننشيء المكاتب الفاخرة ونستورد السيارات والسخانات وآلات التدفئة والمكانس الكهربائية ومكيفات الهواء ونتقل من عاصمة الى عاصمة ونبعث بالسفراء والوزراء الى امريكا والشرق.