اعتبار الليبيين غير أكفاء لحكم انفسهم وكان الرأي الغالب ان تقسم ليبيا وتوضع تحت وصاية قوتين أو ثلاثة لمدة اربع سنوات بعد الحرب.
وفي سنة 1945م، ظهر رأي قوى ضد استقلال ليبيا وبموافقة الاتحاد السوفياتي أيضاً، وكان الضمان الوحيد الذي أعطي الليبيين حول مستقبلهم هو بيان (ايدن) ولكن لم يطبق إلاّ في منع رجوع الإيطاليين إلى برقة وكان شعبنا المنكوب في تلك الفترة خالياً من قيادة إسلامية رشيدة أو شخصيات إسلامية فعالة إذ جل القادة والدعاة استشهدوا وقتلوا وماتوا في الفترة العصيبة التي سبقت هذه الأحداث فلم تبق إلا بعض الشخصيات السياسية الوطنية الخيرة والجمعية المحلية وبعض القيادات الدينية الضعيفة وزعماء الحركة السنوسية الذين أصبحوا يعانون من ضغط الانجليز وكان تعداد شعبنا قد بلغ أكثر من مليون بقليل، وكانت تجربته السياسية بسيطة وكان مستوى التعليم بينهم منخفضاً. وكانوا فقراء للغاية. إذ كان يقدر متوسط الدخل الفردي 15 جنيهاً في العام.
وقد تلا الحرب انهيار اقتصادي وتضخم خطير وانتشرت البطالة وحطمت الحرب المدن والقرى والمنشآت والطرق وخاصة في منطقة برقة وزرعت الأراضي بالألغام لذا كانت ليبيا سنة 1945م - وهي تحت احتلال جيوش ثلاثة - ضحية حرب وفي حاجة إلى مساعدات اقتصادية وطبية واجتماعية وفنية وغيرها.
وحكمت الإدارة الحربية البريطانية في منطقتي طرابلس وبرقة والإدارة الفرنسية في فزان، حسب شروط اتفاقية (لاهاي) لسنة 1907م الخاصة بالتصرف الحربي والعسكري. واعتبرت ليبيا مقاطعة عدو محتلة. وكانت حكومتها، حسب القانون الدولي، تقوم على أساس (العناية والصيانة. وبقيت القوانين السارية المفعول زمن الاحتلال الإيطالي هي نفسها السارية المفعول بعد ذلك، مع تجريدها من العناصر الفاشيستية ومن سوء حظ بلادنا العزيزة أن تبقى هذه الإدارات الأجنبية العسكرية طيلة تلك السنين العديدة. وأصبحت السلطات البريطانية العسكرية التشريفية والإدارية