وقد تقدمت به السن مؤثراً في نفسي وبلادنا في تلك الفترة عمّها الفساد وماكنا نرى ونحن اطفالاً من يحافظ على تلاوة القرآن الكريم بالكيفية المذكورة وأخبرت والدي عن ذلك الذي اسر قلبي بتلاوته القرآن الكريم فقال لي يابني ذاك الشيخ عبد الحميد العبار من كبار المجاهدين وبدأت جدتي وهي من قبائل برقة من قبيلة الدرسة وقد كانت ضمن المعتقلين بمعتقل المقرون تسرد لي أموراً عجيبة عن جهاده وفروسيته وشجاعته ونجدته ولازالت صورته في ذهني الى وقت كتابتي هذه وعندما توفى رحمه الله كانت لوفاته مأتم مشهود وحضرت جموع غفيرة من شرق البلاد وغربها واستمر المأتم اياماً عديدة فرحمة الله على أولئك الأبطال.
الثاني عشر: اضطهاد الشعب:
وباستشهاد عمر المختار ويوسف بورحيل واسر عصمان الشامي بعد جرحه وهجرة عبد الحميد العبار الى مصر وقتل كثير من المجاهدين إنتهت حركة الجهاد الفعلية ومع وجود معظم السكان في معسكرات الاعتقال حكم الايطاليون البلد من الحصون المحاطة بالاسلاك الشائكة والدرويات والمصفحات والسيارات المسلحة والرشاشات والانوار الكاشفة والطائرات وفي يناير 1932م أعلن بادوليو حاكم ليبيا العسكري الايطالي أن الثورة قد انتهت كلية وتماماً واصرت ايطاليا على جعل ليبيا الشاطئ الرابع لإيطاليا. وأعلن موسليني ذلك الطبل الاجوف سنة 1934م بأن الحضارة الحقيقية هي ماتخلقها ايطاليا على الشاطئ الرابع لبحرنا، الحضارة الغربية بصفة عامة، والحضارة الفاشيستية بصفة خاصة) وأخذ الرأسماليون الايطاليون يقسمون ممتلكات الشعب المسلم على بعضهم البعض ويرحّلون الاسر الايطالية لاستيطان الكامل في ليبيا المسلمة وأصبح الليبيون عمال مستأجرين وخدام للعائلات الايطالية في مزارعهم التي نزعت من ايديهم وسلمت للايطاليين وأصدرت وسنت القوانين التي تخدم مصالح الحكومة الايطالية في مصادرة الاملاك والاستيلاء عليها ونزعها من المواطنين بمبالغ زهيدة باسم المصلحة العامة واهتمت ايطاليا بليبيا اهتماماً بالغاً من اجل جعلها قطعة ايطالية لها دورها في توسيع مستعمراتها نحو الجزائر ومالطا وجبل