فالفريد في سيرته، إنه أحيا شيئاً كاد يندثر، أحيا معاني الايمان التي كان الناس قد بدأوا ينصرفون عنها إنه بنيان اسس على التقوى فعاش مباركاً في حياته وفي مماته.
والعبرة الثانية، إنه كان داعيا الى الله بإذنه، تربى على ايدي دعاة السنوسية فلما اكتمل وترعرع، ادى الرسالة وبلغ الامانة وأنذر وبشر، وخيركم من تعلم القرآن وعلمه.
والعبرة الاخرى، إنه كان على فهم صحيح لدينه، يأخذ كلاً لايتجزأ، فلا هو بالتدين المنحرف، ولا هو بالتدين البعيد عن جوهر الدين، وإنما هو رجل مؤمن، يعلم ان الاسلام لايصح أن يؤخذ بعضه ويترك بعضه، وإنما عليه أن يعمل به كله.
وكان في حرارة الشباب وحيويتهم رغم شيخوخته وتلك طبيعية المقاتلين في سبيل الله، الذين يخشون الله ولايخشون أحداً غيره والعبرة الاخرى، انه لم يسع للشهرة، لان المخلصين لايبحثون عن الشهرة وإنما يبحثون عن رضى الله سبحانه وتعالى (?).
ولذلك جعل الله له ذكراً في الدنيا ونسأل الله أن يتغمده برحمته في الآخرة إن اعداءه الاوروبيين اعجبتهم سيرته البطولية والكفاحية والجهادية فهذه صحيفة التايمز البريطانية في مقال نشرته في 17 سبتمبر سنة 1931م تحت عنوان نصر إيطالي: (حقق الايطاليون انتصاراً خطيراً ونجاحاً حاسماً في حملتهم على المتمردين السنوسيين في برقة، فلقد أسروا وأعدموا الرجل الرهيب عمر المختار شيخ القبيلة العنيف الضاري ... ) ثم تستمر الصحيفة حتى تقول: (ومن المحتمل جداً أن مصيره سيشل مقاومة بقية الثوار، والمختار الذي لم يقبل أي منحة مالية من ايطاليا، وأنفق كل ماعنده في سبيل الجهاد وعاش على ماكان يقدمه له اتباعه، واعتبر الاتفاقيات مع الكفار مجرد قصاصات ورق، كان محل اعجاب لحماسته واخلاصه الديني، انه كان مرموقاً لشجاعته (?).