طالما سعيت إليها وجدت من واجبي أن أتلقى طلبكم بالقبول وأن أتحمل المسؤولية العظمى التي رأت الأمة تكليفي بها، فعلي إذن أن أعمل بجد معكم، ولكن لاتنسوا أنني بغير إقدامكم لا قدرة لي على شيء، إني إعلم أن الحياة الخالدة هي للأمم لا للأفراد وكذلك الاعمال العظيمة الباقية هي التي تنصرف الى صالح الجميع، فلذلك أدعوه
سبحانه وتعالى أن يهدينا الى كل عمل ثمرته للأمة.
إن من حق كل شعب أن يسيطر على شؤونه والناس منذ نشوؤا أحراراً، وقد أظهر شعبنا في كل أدواره مقدار محبته للحرية فدفع مهوراً غالية، فلا يصح لأحد أن يطمع في استعباده والاستبداد بشؤونه، لقد اشترطتم عليّ الشورى وهي أساس ديننا وسأعمل على قاعدتها ... ) (?).
لقد تأثرت البلاد في بداية الحرب العالمية الاولى وانقسمت الى معسكرين؛ زعماء الغرب (سلمان الباروني، رمضان السويحلي، و ... ) وكذلك أحمد الشريف السنوسي وقفوا مع تركيا وألمانيا، وأما محمد ادريس هادن الانكليز وبعد هزيمة تركيا وألمانيا، تغيرت موازين القوى، وآل أمر طرابلس الغرب الى فكرت الجمهورية الطرابلسية ثم انتهى بها المطاف الى مبايعة محمد ادريس وهذا ماسوف نتعرف عليه عندما نشرع في دراسة الجمهورية الطرابلسية بإذن الله تعالى.
قام محمد ادريس بوضع نواة لجيش نظامي، واجتهد في تسوية الخلافات بين بعض القبائل، وتمكن من القضاء على عناصر السلب والنهب والقتل من أفراد العصابات الذين اطلقوا على انفسهم حكومة الصلب وكانت تتواجد بين الأبيار وتاكنس، وذلك باتباع سياسة حازمة ورادعة، وقام ببعض التنقلات، والإجراءات الادارية، ففرّغ ابن عمه صفي الدين بعد رجوعه من الجهات الغربية (سرت) لفض النزاعات القبلية في برقة، وكلف وكيله الشارف الغرياني لاستلام الأسلحة والذخائر من الايطاليين، وذلك لإنشاء مراكز أمنية في الحدود مع سلامة تأمين هذه المراكز (?).