وأخذت ملامح القوميات العرقية تظهر على مسرح الأحداث في الدولة، وتفجرت الثورات في البلقان، وشرعت في تشكيل جمعيات قومية سراً، وعلناً، وبدأت التوجيهات العلمانية تظهر في الأمة، وعمل اليهود والنصارى على تقوية هذه الاتجاهات المفسدة، فاليهود أرادوا الانتقام لأن العثمانيين منعوهم من فلسطين، والنصارى يريدون أن ينتقموا لحملاتهم الصليبية التي فشلت في تحقيق أهدافها أمام جهاد عماد الدين، ونور الدين، وصلاح الدين.
كانت الأحزاب العلمانية، والجمعيات السرية، والعصبيات القومية، تنخر في كيانها الدولة العثمانية؛ فظهر من يدعو الى القومية الطورانية، والعربية، والكردية ... الخ وبدأت الثورات تتفجر في البلدان، وأخذت الحركات الانفصالية تتكاثر، وأخذت الدول الأوروبية في دعمها، وتعد المشاريع لاقتسام تركة الرجل المريض، وكان العالم الاسلامي آنذاك منضوي تحت لواء الدولة العثمانية التي فقدت عوامل النهوض، واهملت شروط التمكين، وتباعدت عن اسبابه، وتخلفت عن ركب الحضارة، فدخلت الأقاليم الاسلامية في دوامة التدهور، والظلام الحالك، والمحنة الشاملة، والجهل المطبق والظلم الفادح، والفقر المدقع، فتفجرت الثورات بدوافع مختلفة، فمرة بدوافع العرق والقومية، واخرى دفاعاً عن النفس ضد الجور، والتعسف والظلم، وتارة بدافع الحقد، والتعصب، وكانت اليهودية والصليبية خلف تمزيق السلطنة، وإضعافها، فكثرت مصائبها، وتعددت جبهاتها، وأصبح مركز الخلافة، مفككاً، ضعيفاً، متدهوراً، منحلاً، وقد اصيبت الولايات، كالجزائر، وتونس، وليبيا، ومصر، والشام والحجاز، بالضعف الشديد، والتدهور المريع، بسبب الظلم والاستبداد، وانتشار الجهل، وجمود العلم، وغياب القادة وصاحب هذا الانهيار في كيان الدولة، أحداث خطيرة، كان لها أثر فعال على المسلمين وجميع جوانب حياتهم، الفكرية، والدينية، والعلمية والسياسية فمن ذلك:
أ. احتل الفرنسيون مصر عام 1798م وظلوا فيها حتى عام 1801م، وتمكن محمد علي باشا من الانفراد بحكمها بعد خروج فرنسا
(1805 - 1848م) وكان هذا