وتركت ذلك إلى الآن1, واستمر على المحبة والمودة، قال وكان كثير الاستحضار للمتون يسرع الجواب بحضرة الشيخ فيعجب الشيخ ذلك، وقد عاشرتهما مدة فلم أرهما يتركان قيام الليل ورأيت من خدمته لشيخنا وتأدبه معه من غير تكلف لذلك ما لم أره لغيره ولا أظن أحدًا يقوى عليه.
وقال في أنبائه أنه صار كثير الاستحضار للمتون جدًّا لكثرة الممارسة، وكان هينًا دينًا خيرًا محبًا في أهل الخير, لا يسأم ولا يضجر من خدمة الشيخ وكتابة الحديث, سليم الفطرة, كثير الخير والاحتمال للأذى خصوصًا من جماعة الشيخ، وقد شهد لي بالتقدم في الفن جزاه الله عني خيرًا، قال: وكنت قد تتبعت أوهامه في كتابه المجمع, فبلغني أن ذلك شق عليه, فتركته رعاية له.
قلت: وكأن مشقته لكونه لم يعلمه هو, بل أعلم غيره وإلا فصلاحه ينبو عن مطلق المشقة، أو لكونها غير ضرورية بحيث ساغ لشيخنا الإعراض عنها، والأعمال بالنيات.
وقال البرهان الحلبي: إنه كان من محاسن القاهرة ومن أهل الخير، غالب نهاره في اشتغال وكتابة مع ملازمة خدمة الشيخ في أمر وضوئه وثيابه ولا يخاطبه إلا بسيدي حتى كان في أمر خدمته كالعبد، مع محبته للطلبة والغرباء وأهل الخير وكثرة الاستحضار جدًّا.
وقال التقي الفاسي: كان كثير الحفظ للمتون والآثار صالحًا خيرًا.
وقال الأقفهسي: كان إمامًا عالمًا حافظًا زاهدًا متواضعًا متوددًا إلى الناس ذا عبادة وورع، انتهى.