وأما الثاني فهو ثابت ثباتًا مقيدًا بالنسبة للمجتهد يأخذ ثباته من ثبات المجتهد على اجتهاده، وهو لازم له ولجميع من تابعه عليه، وذلك لأنه فهم شرعي غير معصوم يمكن تغيره.

وهذا الثبات النسبي تقويه عوامل أخرى وتؤكده نذكر منها:

1 - أن الاجتهاد الشرعي يدور حول تحقيق مقاصد الشريعة، وتختلف أنظار المجتهدين وتتفاوت، وكل واحد منهم يحوم حول تحقيق تلك المقاصد، ولشمولية تلك المقاصد وسعتها فإن أنظار المجتهدين كثيرًا ما تتفاوت فيذهب كل مجتهد إلى تحقيق جانب من تلك الجوانب (?) ..

ونقول هنا أن الثبات وإن لم يكن لعين الحكم كما قلنا في الحكم المعصوم، إلّا أنه مع ذلك يدور في دائرة الشرعية، من حيث شرعية الاجتهاد وتحقيق مقاصد الشريعة، ويثبت عند المجتهد ويلزمه العمل به ومن تابعه وهو شرع مُتعَبدٌ به عندهم إلّا أن يعدل عنه الجتهد إلى اجتهاد آخر كما قلنا من قبل.

2 - أن الاجتهاد الشرعي قد يدور حول تفسير نص معين، وهذا التفسير وإن تعدد إلّا أنه محصور قطعًا، فاللفظ المشترك مثلًا وإن اختلفت أنظار المجتهدين في تفسيره إلّا أنه لا يخرج عن أوجه معدودة محصورة، فمتى اختار المجتهد وجهًا من هذه الأوجه لزمه وأصبح محددًا وثابتًا، ولزمه العمل به، وهذا يؤكد الثبات النسبي في الحكم الفردي الاجتهادي.

3 - العامل الثالث الذي يؤكد الثبات وينقلنا إلى بيان الشمول في الحكم الاجتهادي الفردي وهو اختيار الحاكم المسلم لأحد الآراء الاجتهادية، وهذا الاختيار يترتب عليه لزوم الحكم المختار للأمة ومن فوائده ما يلي:

(أ) أن هذا الاختيار يخرج الحكم المختلف فيه من حيّز الاختلاف وما يترتب عليه من عدم الإِلزام للأمة جمعاء - حيث يكون الاجتهاد ملزمًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015