الصحابة - رضوان الله عليهم - (?) ولم يقتض ذلك ذمًا لهم وحاشاهم، ولم يكن كرههم للخلاف - ومنزلتهم في الدين معلومة وتوفر شروط الاجتهاد والصدق فيهم مقطوع به، لم يكن ذلك كله مانعًا من وقوع الخلاف في المسائل الاجتهادية. وأيضًا فالصحابة - رضوان الله عليهم - كانوا يردون إلى الكتاب والسنة كما أمرهم الله سبحانه في قوله وأمر المؤمنين {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ... } والرد يرفع الخلاف ولكن بشرط أن تتفق أفهامهم للنص المردود إليه، أما إذا لم يتفقوا فلا يرتفع، على أنه بالنسبة للسنة المطهرة - وبعض الآيات - يختلف الرادون على إثبات النص نفسه، أما من حيث السنّة فالاختلاف في السند، وأما من حيث الآيات فالاختلاف في القراءة، وهذه يترتب عليها اختلاف في الفهم، فمن رأى صحة السند أوجب الرد إليه على ما فهمه ومن لم ير ذلك لم يوجب الرد، ولم تبلغ جميع الأحاديث الصحيحة الأئمة كلهم كما قال شيخ الإِسلام ابن تيمية (?).
فالصحابة - رضوان الله عليهم - كانوا يردون إلى الكتاب والسنّة، ومع ذلك وقع بينهم تفاوت في فهم بعض الأحكام، ولم يكن ذلك بمذموم في الشرع، ولا بمنتقص من منزلتهم، فهم القدوة لجميع الأجيال من بعدهم لأنهم السباقون في الفضل علمًا وعملًا واعتقادًا وصدقًا وجهادًا (?)، وبعد أن عرفنا الفرق ..