أو السنّة لم يكن دليلًا مستقلًا، إذ الدليل حينئذ إما الكتاب وإما السنّة، وقالوا إن هناك إجماعات وقعت من دون سند (?).
وبالجواب عن هذا الاعتراض يثبت أنه لا بد للإِجماع من سند من الكتاب أو السنة، وفائدته حينئذ هو حرمة النظر في المسألة بعد ذلك والحكم الناتج عنه ثابت أبدًا.
الجواب عن الاعتراض الثاني:
إن الأصوليين اتفقوا على أن الإِجماع لا بد له من سند، قال الآمدي "اتفق الكل على أن الأمة لا تجتمع على الحكم إلّا عن مأخذ ومستند يوجب اجتماعها خلافًا لطائفة شاذة فإنهم قالوا بجواز انعقاد الإِجماع عن توفيق لا توقيف، بأن يوفقهم الله تعالى لاختيار الصواب من غير مستند" (?).
واستدل الأصوليون بدليلين:
الأول: أن الإِلهام ليس بحجة، وإنما الحجة هي الكتاب والسنة والحمل عليهما بطريق من طرق الاستنباط، وحينئذ لا بد من مستند لأن عدمه يستلزم جواز الخطأ، ثم إن اتفاق الكل بدون مستند مستحيل، فلا بد من الدليل.
الثاني: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو الذي لا ينطق عن الهوى - لا يقول ولا يحكم إلّا عن وحي (?) فالأمة أولى، لأن الدليل دل على أن كل مسلم يحرم عليه القول في الدين بغير مستند، وقد بينت ذلك عند الكلام في الرأي المذموم وذكرت الإِجماع على ذمّة، وهو في حقيقته قول بغير مستند.