آخر وهي: المسألة السابعة عشر: وذلك أن الجميع اتفقوا على اعتبار أهل العلم والاجتهاد سواء ضموا إليهم العوام أم لا، فإن لم يضموا إليهم فلا إشكال، أَنَّ الاعتبار إنما هو بالسواد الأعظم من العلماء المعتبر اجتهادهم، فمن شذ عنهم فمات فميتته جاهلية.
وإن ضموا إليهم العوام فبحكم التبع لأنهم غير عارفين بالشريعة فلا بد من رجوعهم في دينهم إلى العلماء، فإنهم لو تمالأوا على مخالفة العلماء فيما حدوا لهم لكانوا هم الغالب والسواد الأعظم في ظاهر الأمر، لقلة العلماء وكثرة الجهال، فلا يقول أحد: إن اتباع جماعة العوام هو المطلوب، وأن العلماء هم المفارقون للجماعة والمذمومون في الحديث، بل الأمر بالعكس، وأن العلماء هم السواد الأعظم وإن قلوا، والعوام هم المفارقون للجماعة إن خالفوا، فإن وافقوا فهو الواجب عليهم" (?).
وبعد أن عرفنا أن "الأمة" التي لا تجتمع على الضلالة هي أهل العلم والاجتهاد المتمسكون بالسنّة والاتباع، وعرفنا أن إجماعهم حجة، نذكر بعض اعتراضات المعترضين عليه ونجيب عنها.
المطلب الأول
الاعتراض الأوّل وجوابه
إن الإِجماع لم تثبت حجيته في الاستدلال إلّا بطريق ظني، لأن الأدلة المثبتة له أحادية، وعليه فإن عصمته ليست بثابتة (?)، فكذلك الحكم الناتج عنه.
ونجيب عن ذلك فنقول: لقد ثبت أن الأحاديث التي وردت بعصمة الأمة على الضلالة متواترة تواترًا معنويًا .. وذلك لأمرين: