قال الشاطبي: "فنسبهم إلى الافتراء -كما ترى- والعصيان من حيث هو عصيان لا يكون افتراء، وإنما يقع الافتراء في نفس التشريع ... " (?)، ولذلك كان التشريع من دون الله من فعل الجاهلية كما قال الله تعالى: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ} (?).

فتشريعهم من دون الله افتراء عليه، ولذلك كان كفراً وجاهلية، يقول الإمام ابن كثير عند تفسير هذه الآية: "ينكر تعالى على من خرج عن حكم الله المحكم المشتمل على كل خير الناهي عن كل شر، وعدل إلى ما سواه من الآراء والأهواء والاصطلاحات التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله (?)، كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات مما يضعونها بآرائهم وأهوائهم، وكما يحكم به التتار من السياسيات الملكية المأخوذة عن ملكهم جنكزخان الذي وضع لهم "الياسق" وهو عبارة عن كتاب مجموع من أحكام قد اقتبسها من شرائع شتى من اليهودية والنصرانية والملة الإسلامية وغيرها، وفيها كثير من الأحكام أخذها من مجرد نظره وهواه - فصارت في بنية شرعاً متبعاً، يقدمونه على الحكم بكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - فمن فعل ذلك منهم فهو كافر ... {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ} أي يبتغون ويريدون وعن حكم الله يعدلون ... " (?).

وكما نقل الإمام الشاطبي الاتفاق على أن التشريع من بدع الجاهلية وهو من الكفر الصراح الذي لا شك فيه، فقد صرح الإمام ابن كثير بالإجماع على هذا المعنى فقال: " ... فمن ترك الشرع المنزل على محمد بن عبد الله خاتم الأنبياء وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة كفر، فكيف بمن تحاكم إلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015