والقائلون بظنية الأدلة النقلية يقولون إن المعارض العقلي أدى إلى منع القول بإفادتها العلم، وإن فقدناه لم تفد العلم أيضًا، لأنه يُحتمل وجود المعارض.
احتمال وجود القرينة وإن فُقدت ينبني عليه القول بظنية العمومات الشرعية.
احتمال وجود المعارض العقلي وإن فُقد ينبني عليه القول بظنية الأدلة الشرعية (?). فهل ترى بينهما من فارق!؟
وبعد هذا نستطيع أن ندرك بعمق منهج الإِمام الشاطبي لأن الأمور تعرف بأضدادها.
يرفض الإِمام الشاطبي جعل العقل حكمًا في تحديد القطعية في العمومات بناء على منهجه العام في الاستدلال كما أوضحه في المقدمات، فالعقل ليس له أن يقرر ابتداء حكمًا من الأحكام ولا أن يتقدم بين يدي الأدلة الشرعية، فهو محكوم لا حاكم يسرحه الشرع كما يشاء (?).
أمر آخر مهم جدًا وهو أن طريقة الاستدلال على القضايا الشرعية طريقة شرعية أيضًا تأخذ طبيعة هذه الشريعة، فإذا أنزلت هذه الشريعة المباركة للإفهام (?) فطريقة الاستدلال ينبغي أن تكون كذلك، وإذا خوطب بها الأميون واعتبر في خطابها الجمهور فينبغي أن تكون طريقة الاستدلال كذلك (?)، ومن هنا ابتعد الإِمام الشاطبي عن مسلك المتكلمين في أصول الفقه، وابتع طريقًا