المبحث الأول
مقارنة بين الإِعجاز الكوني والإِعجاز التشريعي وبيان سماته
تبين مما سبق أن "الشريعة الإِسلامية" موصوفة بالكمال والثبات والشمول، وهذه ألفاظ أتراب يأخذ بعضها بحجز بعض، فإن قلت كمالها يقتضي ثباتها وشمولها فقد صدقت، لأنها لا تكون كاملة إلّا وهي ثابتة شاملة، لأن عدم الثبات نقص وعدم الشمول كذلك.
وإن قلت ثباتها يقتضي كمالها وشمولها فقد صدقت، لأن ثباتها اقتضى -في مراد الله- أنها لازمة للبشر كافة على جميع العصور، ولا تكون كذلك إلا وهي كاملة شاملة لأن ذلك مقتضى الرحمة والحكمة والعدل الرباني تفضلًا منه سبحانه ونعمة.
وإن قلت شمولها يقتضي ثباتها وكمالها فقد صدقت، لأنها لا تكون شاملة إلّا أن تكون ثابتة ما بقي تكليف وعمل في الأرض، وإلّا لم يتحقق الشمول إذا انقطع الثبات، وكذلك لا تكون شاملة إلّا إذا كملت فلا يلحقها نقص أبدًا.
فالكمال والثبات والشمول مقطوع به، وهو قمة الإِعجاز التشريعي (?)