ومقصود الشارع كما تبين من قبل هو المحافظة على ثبات الأحكام واستقرارها ولذلك فإن البيان الذي تمثل في فعال الصحابة كما ورد في الأمثلة السابقة آكد لتحقيق ذلك المقصود. وقد توسع الشاطبي في عرض الأمثلة في المسألة السادسة والسابعة والثامنة (?).
ويصرح الإِمام الشاطبي بهذا المعنى أيضاً في المسألة التاسعة فيقول عن الواجبات والمحرمات: "فمن حقيقة استقرار كل واحد من القسمين أن لا يُسوّى بينه وبين الأخر لأن في تغيير أحكامها تغيرها في أنفسها" (?).
فالأحكام ثابتة والبيان -مع ما فيه من بعض المحذورات- آكد للمحافظة على استقرار الأحكام وعدم تغييرها، وبهذا الدليل يتقرر أن الصحابة كانوا ملاحظين لها المعنى مثابرين على هذا البيان لكي تسقر أحكام الشريعة فما كان حراماً فهو حرام إلى يوم القيامة وما كان واجباً فهو واجب إلى يوم القيامة وما كان مندوباً فهو مندوب إلى يوم القيامة وقدوتهم في ذلك هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما مر في حديث أكل الضب .. وكما في تركه الصلاة بالناس في التهجد في رمضان مخافة أن يظن الناس أن مداومته عليها دليل على وجويها وهو تأويل متمكن (?).
وقد تكلم الشافعي عن سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكر أنها بيان للقرآن، وذكر من الأمثلة ما يؤكد ذلك ثم قال: "وفيه دلائل على أن ما حرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حرام بإذن الله تعالى إلى يوم القيامة بما وصفت وغيره من افتراض الله تعالى طاعته في غير آية من كتابه .. " (?).