الصلاة والسلام -، فأحكمها سبحانه فهي موصفة بصفة الثبات والبقاء" (?).
هذا ما ورد في اللغة عن معنى الثبات، وهو المعنى الشرعي الذي أقصده هنا، فما جاء به الوحي من عند الله سواء باللفظ أو المعنى دون اللفظ وانقطع الوحي عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو لم ينسخ فهو ثابت محكم له صفة البقاء والدوام لا تغيير له ولا تبديل، وهو كذلك أبداً إلى يوم القيامة، وإليك الأدلة في المطالب الآتية.
المطلب الثاني
الدليل الأول على ثبات الشريعة
قوله تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (?).
قال الإِمام ابن كثير -رَحِمَهُ اللهُ- مبيناً معنى هذه الآية: "صدقاً فيما قال وعدلاً فيما حكم، يقول: صدقاً في الأخبار وعدلاً في الطلب، فكل ما أخبر به فحق لا مرية فيه ولا شك وكل ما أمر به فهو العدل الذي لا عدل سواه، وكل ما نهى عنه فباطل، فإنه لا ينهى إلّا عن مفسدة، كما قال تعالى:
{يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ} (?). إلى آخر الآية.
{لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ} أي ليس أحد يعقب حكمه تعالى لا في الدنيا ولا في الأخرة، {وَهُوَ السَّمِيعُ} لأقوال عباده {الْعَلِيمُ} بحركاتهم وسكناتهم الذي يجازي كل عامل بعمله" (?).
وهذا الحق والصدق والعدل الثابت التام الذي لا مبدّل له والذي تمثله هذه "الشريعة الربانية" يقابله الضلال والظنون والباطل الذي تحمله شرائع