قَالَ ثُمَّ مَضُوا حَتَّى نَزَلُوا أَرْضَ الشَّامِ فَبَلَغَهُمْ أَنَّ هِرَقْلَ قد نزل من أَرض البلقاء فِي مِائَةِ أَلْفٍ مِنَ الرُّومِ وَانْضَمَّتْ إِلَيْهِ الْمُسْتَعْرَبَةُ مِنْ لَخْمٍ وَجُذَامٍ وَبَلْقَيْنٍ وَبَهْرًا وَبِلًى فِي مِائَةِ أَلْفٍ فَأَقَامُوا لَيْلَتَيْنِ يَنْظُرُونَ فِي أَمْرِهِمْ وَقَالُوا نَكْتُبُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنُخْبِرَهُ بِعَدَدِ عَدُوِّنَا قَالَ فَشَجَّعَ عبد الله بْنُ رَوَاحَةَ النَّاسَ ثُمَّ قَالَ وَاللَّهِ يَا قَوْمِ إِنَّ الَّذِي تَكْرَهُونَ لَلَّذِي خَرَجْتُمْ لَهُ تَطْلُبُونَ الشَّهَادَةَ وَمَا نُقَاتِلُ الْعَدُوَّ بِعِدَّةٍ وَلا قُوَّةٍ وَلا كَثْرَةٍ مَا نُقَاتِلُهُمْ إِلا بِهَذَا الدِّينِ الَّذِي أَكْرَمَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِهِ فَانْطَلِقُوا فَإِنَّمَا هِيَ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ إِمَّا ظُهُورٌ وَإِمَّا شَهَادَةٌ قَالَ فَقَالَ النَّاسُ قَدْ وَاللَّهِ صَدَقَ ابْنُ رَوَاحَةَ فَمَضُوا
أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي عُمَرَ قَالَ أَخْبَرَنَا رِزْقُ اللَّهِ وَطِرَادٌ قَالَ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرَانَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ صَفْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدثنَا عبد القدوس بن عبد الواحد قَالَ حَدثنِي الحكم بن عبد السلام أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ حِينَ قُتِلَ دَعَا النَّاسُ يَا عبد الله بن رَوَاحَة يَا عبد الله بْنَ رَوَاحَةَ وَهُوَ فِي جَانِبِ الْعَسْكَرِ وَمَعَهُ ضِلْعُ جَمَلٍ يَنْهَشُهُ وَلَمْ يَكُنْ ذَاقَ طَعَامًا قَبْلَ ذَلِكَ بِثَلاثٍ فَرَمَى بِالضِّلْعِ ثُمَّ قَالَ
وَأَنْتَ مَعَ الدُّنْيَا ثُمَّ تَقَدَّمَ فَقَاتَلَ فَأُصِيبَتْ إِصْبَعُهُ فَارْتَجَزَ فَجَعَلَ يَقُولُ ... هَلْ أَنْتَ إِلا إِصْبَعٌ دَمِيتِ ... وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيتِ ... يَا نَفْسُ إِلا تُقْتَلِي تَمُوتِي ... هَذَا حِيَاضُ الْمَوْتِ قَدْ صَلِيتِ ... وَمَا تَمَنَّيْتِ فَقَدْ لقِيت ... إِن يفعلي فِعْلَهُمَا فَقَدْ هُدِيتِ
وَإِنْ تَأَخَّرْتِ فَقَدْ شَقِيتِ ...
ثُمَّ قَالَ يَا نَفْسُ إِلَى أَيِّ شَيْءٍ تَتَوَقِّينَ إِلَى فُلانَةٍ فَهِيَ طَالِقٌ ثَلاثًا