9 - أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ ثَابِتٍ، أنبا أَبِي، أنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ غَالِبٍ، أنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، أَخْبَرَنِي أَبُو يَعْلَى، ثنا أَبُو حَيْوَةَ، ثنا جَرِيرٌ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الأَوْدِيِّ، رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَبْلَ أَنْ يُصَابَ بِثَلاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ وَاقِفًا عَلَى نَاقَتِهِ عَلَى حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ، وَعُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ، وَهُوَ يَقُولُ: " لَعَلَّكُمَا حَمَّلْتُمَا الأَرْضَ مَا لَمْ تُطِقْ، وَكَانَ حُذَيْفَةُ عَلَى جُوْخَى وَعُثْمَانُ عَلَى مَا سَقَى الْفُرَاتُ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: لَوْ شِئْتَ لأَضْعَفْتُ أَرْضِي، وَقَالَ عُثْمَانُ: حَمَّلْتُهَا أَمْرًا هِيَ لَهُ مُطِيقَةٌ، وَمَا فِيهَا كَثِيرُ فَضْلٍ، قَالَ: انْظُرَا أَنْ لا تَكُونَا حَمَّلْتُمَا الأَرْضَ مَا لَهُ تُطِيقُ، ثُمَّ قَالَ: لَئِنْ بَقِيتُ لأَرَامِلِ الْعِرَاقِ لا أَدَعُهُنَّ لا يَحْتَجْنَ إِلَى أَحَدٍ بَعْدِي، قَالَ: فَمَا أَتَتْ عَلَيْهِ ثَلاثٌ حَتَّى أُصِيبَ، قَالَ: وَكَانَ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ، وَأُقِيمَتِ الصَّلاةُ قَامَ بَيْنَ كُلِّ الصَّفَّيْنِ، فَقَالَ: اسْتَوُوا حَتَّى لا يَرَى خَلَلا، ثُمَّ يَتَقَدَّمُ وَيُكَبِّرُ، قَالَ: فَتَقَدَّمَ فَمَا هُوَ إِلا أَنْ كَبَّرَ، فَطَعَنَهُ أَبُو لُؤْلُؤَةَ، قَالَ: قَتَلَنِي الْكَلْبُ، أَوْ أَكَلَنِي الْكَلْبُ، قَالَ: فَأَخَذَ بِيَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، فَقَدَّمَهُ وَفِي يَدِ الْعِلْجِ سِكِّينٌ ذَاتُ طَرَفَيْنِ لا يَمُرُّ بِرَجُلٍ يَمِينًا وَلا شِمَالا إِلا طَعَنَهُ حَتَّى طَعَنَ ثَلاثَةَ عَشَرَ رَجُلا، فَمَاتَ مِنْهُمْ سَبْعَةٌ فَطَرَحَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ حَاجِّ الْعِرَاقِ بُرْنُسًا، فَأَخَذَهُ، فَلَمَّا رَأَى أَنَّهُ مَأْخُوذٌ زَنْجَرَ بِنَفْسِهِ، فَصَلَّى عَبْدُ الرَّحْمَنِ صَلاةً خَفِيفَةً، وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ نَوَاحِي الْمَسْجِدِ لا يَدْرُونَ مَا كَانَ غَيْرَ أَنَّهُمْ فَقَدُوا صَوْتَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَأَمَّا مَا كَانَ يَلِيهِ فَقْد رَأَى مَا رَأَى فَلَمَّا انْصَرَفُوا قَالَ لابْنِ عَبَّاسٍ: انْظُرْ مَنْ قَتَلَنِي، قَالَ: فَجَالَ سَاعَةً، ثُمَّ جَاءَ، فَقَال: غُلامُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: الصَّنَعُ؟ قَالَ: الصَّنَعُ، قَالَ: قَاتَلَهُ اللَّهُ، لَقَدْ كُنْتُ أَمَرْتُهُ بِمَعْرُوفٍ، الْحَمْدُ اللَّهِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْ مَنِيَّتِي بِيَدِ رَجُلٍ يَدَّعِي الإِسْلامَ، قَالَ: وَحُمِلَ إِلَى بَيْتِهِ، وَالنَّاسُ يَقُولُونَ: لا بَأْسَ عَلَيْكَ، فَأُتِيَ بِنَبِيذٍ، فَشَرِبَ، فَخَرَجَ مِنْ جُرْحِهِ، فَعَرَفَ أَنَّهُ الْمَوْتُ، فَقَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: انْظُرْ مَا كَانَ عَلَيَّ مِنْ دَيْنٍ، قَالَ: سِتَّةٌ وَثَمَانُونَ أَلْفًا؟ قَالَ: إِنْ وَفَّى بِهَا مَالُ آلِ عُمَر فَأَدِّهَا مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَإِلا فَسَلْ فِي بَنِي عَدِيٍّ، فَإِنْ وَفَّتْ أَمْوَالُهُمْ وَإِلا فَسَلْ قُرَيْشًا، وَلا تَعْدُهُمْ إِلَى غَيْرِهِمْ، وَاذْهَبْ إِلَى عَائِشَةَ، فَقُلْ: إِنَّ عُمَر يُقْرِئُكِ السَّلامَ، وَيَسْأَلُكِ أَنْ يُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَيْهِ، وَلا تَقُلْ: أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنِّي لَسْتُ لِلْمُؤْمِنِينَ بِأَمِيرٍ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: لَقَدْ كُنْتُ أَرَدْتُهُ لِنَفْسِي وَلأُوثِرَنَّهُ الْيَوْمَ عَلَى نَفْسِي فَلَمَّا جَاءَ ابْنُ عُمَرَ، قَالَ: أَقْعِدُونِي وَأَسْنَدَهُ رَجُلٌ إِلَى صَدْرِهِ، فَقَالَ لابْنِ عُمَرَ: مَا لَدَيْكَ؟ قَالَ: قَدْ أَذِنَتْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: مَا كَانَ شَيْءٌ أَهَمَّ إِلَيَّ مِنْ ذَلِكَ الْمَضْجَعِ إِذَا قُبِضْتُ فَاحْمِلُونِي ثُمَّ اسْتَأْذِنْ لِي فَإِنْ أَذِنَتْ فَأَدْخِلَنِي وَإِنْ رَدَّتْ فَرُدَّنِي إِلَى مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ قَالَ: لَوِ اسْتَخْلَفْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: مَا أَحَدٌ أَحَقُّ بِهَذَا الأَمْرِ مِنْ هَؤُلاءِ الَّذِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ، سَمَّى عَلِيًّا، وَعُثْمَانَ، وَطَلْحَةَ، وَالزُّبَيْرَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، وَقَالَ: أَشْهَدَهُمْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَلَيْسَ لَهُ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ، فَمَنِ اسْتَخْلَفُوهُ فَهُوَ الْخَلِيفَةُ بَعْدِي، فَإِنْ أَصَابَتِ الأَمْرُ سَعْدًا وَإِلا فَلْيَسْتَعِنْ بِهِ الْخَلِيفَةُ فَإِنِّي لَمْ أَنْزِعْهُ مِنْ ضَعْفٍ وَلا خِيَانَةٍ، قَالَ: فَدَخَلَ رَجُلٌ، فَقَالَ: أَبْشِرْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِبُشْرَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَدْ كَانَ لَكَ مِنَ الْقِدَمِ فِي الإِسْلامِ وَالصُّحْبَةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَدْ عَلِمْتَ، ثُمَّ اسْتُخْلِفْتَ فَعَدَلْتَ، ثُمَّ الشَّهَادَةُ، قَالَ: يَابْنَ أَخِي؛ لَوَدِدْتُ أَنِّي نَزَلْتُ كَفَافًا لا عَلَيَّ وَلا لِي شَيْءٌ مِنَ السُّلْطَانِ، فَلَمَّا أَدْبَرَ إِذَا إِزَارُهُ يَمَسُّ الأَرْضَ، قَالَ: رُدُّوا عَلَيَّ الْغُلامَ، قَالَ: يَابْنَ أَخِي، ارْفَعْ إِزَارَكَ فَإِنَّهُ أَنْقَى لِثَوْبِكَ، وَأَتْقَى لِرَبِّكَ، ثُمَّ قَالَ: أُوصِي الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِي بِتَقْوَى اللَّهِ، وَأُوصِيهِ بِالْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ أَنْ يَعْرِفَ لَهُمْ حَقَّهُمْ، وَأَنْ يَحْفَظَ لَهُمْ حُرْمَتَهُمْ، وَأُوصِيهِ بِالأَنْصَارِ خَيْرًا الَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ أَنْ يَقْبَلَ مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَيَعْفِيَ عَنْ مُسِيئِهِمْ، وَأُوصِيهِ بِأَهْلِ الأَمْصَارِ خَيْرًا، فَإِنَّهُمْ رَدْءُ الإِسْلامِ وَجُبَاةُ الأَمْوَالِ، وَغَيْظُ الْعَدُوِّ وَأَنْ لا يُؤْخَذَ فَضْلَهُمْ إِلا عَنْ رِضَاءٍ مِنْهُمْ، وَأُوصِيهِ بِالأَعْرَابِ، فَإِنَّهُمْ أَصْلُ الْعَرَبِ، وَمَادَّةُ الإِسْلامِ، أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُمْ حَوَاشِي أَمْوَالِهِمْ فَيُرَدَّ فِي فُقَرَائِهِمْ، وَأُوصِيهِ بِذِمَّةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَذِمَّةِ رَسُولِهِ خَيْرًا أَنْ يُوَفِّيَ لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ وَأَنْ يُقَاتِلَ مِنْ وَرَائِهِمْ، وَلا يُكَلَّفُوا فَوْقَ طَاقَتِهِمْ فَلَمَّا تُوُفِّيَ حُمِلَ، فَكَأَنَّ النَّاسَ لَمْ يُصِبْهُمْ مُصِيبَةٌ قَبْلَ يَوْمَئِذٍ حَتَّى إِذَا دَنَا ابْنُ عُمَرَ سَلَّمَ عَلَى عَائِشَةَ، ثُمَّ قَالَ: اسْتَأْذَنَكِ عُمَرُ فَأَذِنَتْ لَهُ. . . اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فَأَدْخِلْهُ